تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحوال: أما من حيث الأصل والمعروف والشائع أن السلعة توضع بين الناس، ثم يتساومون عليها أو يزيدون فيها، فهذا جماهير العلماء رحمهم الله وحكى غير واحد الإجماع على أنه جائز؛ لكن حُكي عن البعض أنه لا يجوز، واستدلوا بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المزايدة، وهذا الحديث ضعيف، فقد ضعفه الإمام البخاري وغيره، ولا يصح ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المساومة، والمساومة التي حرمها عليه الصلاة والسلام إنما هي سوم المسلم على أخيه، والسوم الذي حرمه الله عليك على أخيك المسلم شرطه: أن يتراكن الطرفان، أما لو عرض سيارته للبيع في المعرض أو أمام بيته أو في السوق، فقال رجل: بعشرة آلاف، فقلت أنت: بعشرة آلاف وخمسمائة، فإن قولك هذا ليس من سوم المسلم على أخيه المسلم؛ وإنما هو مزايدة، وفرق بين السوم وبين المزايدة، وأما السوم على أخيك المسلم الذي حرمه الله، فهو أن يأتي رجل ويقول: اشتريتها بعشرة آلاف، فيقول البائع: قبلت، ورضي بهذه العشرة، وقبل أن يفترقا ويتم البيع قلت أنت: أعطيك عشرة وخمسمائة، فإذا تراكنا ورضيا فلا يجوز لأحد أن يدخل بينهما؛ لأنه يُقَطِّع أواصر الأُخوة، ومن هنا كأن الله يبيح لنا البيع؛ لكن بشرط ألا يهدم الدين، وألا تكون الدنيا سبباً لإفساد الدين، فحرم على المسلم أن يبيع على بيع أخيه المسلم، أو يسوم على سومه، وبيعه على بيع أخيه أن يتراكنا فيقول: أبيعك السيارة بعشرة آلاف، فيقول المشتري: رضيتها بهذا الثمن، وإذا بالآخر يقول: عندي سيارة مثلها أبيعها لك بتسعة آلاف، أو بتسعة وخمسمائة، فإن هذا من البيع على بيع المسلم، فيحرم على المسلم أن يسوم على أخيه المسلم وأن يبيع على بيعه. فإذا تراكنا فإنه تنقطع المساومة، والذي ينقطع به السوم إذا وقفا وكأنهما رضيا بذلك، فجاء الآخر يسوم في غير المزاد، فهذا محظور. وعلى هذا فإنه يجوز للإنسان أن يسوم ولا بأس به. وقد يقول القائل: لكن الإشكال في مسألة سوم المسلم على أخيه أن الرضا ليس موجوداً، فنقول: بالنسبة للبيع الرضا موجود، وليس في هذا إشكال، أي: بيع المساومة والمزايدة لا يمنع وصف الرضا؛ لأن الذي أتى بالسلعة إلى المعرض أتى بها باختياره وبرغبته ثم هو يضعها أمام الناس يسوموها، فإن أراد أن يبيع وإلاَّ امتنع، فليس هناك إكراه له على أن يبيع، وكذلك الذي يسوم ليس هناك أحد حَدّه وألزمه. وأما الإثارة التي تقع من كونك تقول: عشرة، والآخر يقول: خمسة عشر، فرزق ساقه الله إليك، فكونك أنت ترى أنها تستاهل العشرة فقلت: عشرة، فجاء غيرك وقال: اثنا عشر، وكأن السائل يقصد أنه لم يقلها برضا؛ وإنما قالها منافسة للغير من أجل أن يأخذ المال وكأنه مكره، فمثل هذا ليس بمؤثر، وأصل الرضا المعتبر لصحة البيع موجود وغير مفقود، وليس هناك أحد يلزمه أن يشتري هذه السلعة بقليل ولا بكثير، ومن هنا لا اعتراض. والله تعالى أعلم.

كيفية الحجر السؤال: كيف يكون الحجر؟ هل بسلب المال من يديه؟ أم بحبسه وعدم تمكينه من البيع والشراء؟ أثابكم الله. الجواب: هناك جانبان لمن يحجر عليه: الجانب الأول: أن يمنع من التعاقد على هذه السلعة، أي: لا يملك أن يقول لك: بعتك، ولا يملك أن يقول لك: اشتريت منك، فالمحجور عليه لا يبيع ولا يشتري إلا بإذن وليه، فإذا أذن وليه بالبيع والشراء صح ولزم ولا إشكال، والولي ينظر في بيعه وشرائه، فإن كان من المصلحة أن يمضيه أمضاه، وإن كان فيه ضرر ألغاه. وأما بالنسبة لقضية الحَجر بالفعل فلا يمنع المحجور عليه من الخروج من بيته، ومن هنا تجد دقة الفقهاء حينما قالوا: منع نفوذ تصرف قولي لا فعلي، فهناك فرق بين الاثنين؛ لأن العقود تقع بالأقوال وإن كانت الأفعال تابعة، كما قلنا في بيع المعاطاة: ينعقد البيع بما يدل على الرضا وإن تعاطى الكل فنحن نقول: إن الأفعال تابعة وليست بأصل في هذا، وأيَّاً ما كان فإن المحجور عليه يمنع من التصرف في قوله لا في فعله. أما بالنسبة للفعل المبني على القول كأن يهدي السيارة، أو جاءه مسكين فأعطاه، فإنه لا يصح هذا الإعطاء، ولا تصح هبته ولا تصح صدقته كذلك، فلا يُتَصَدَّق بمال اليتيم، وهناك خطأ تقع فيه بعض الأمهات -أصلحهن الله- أنه إذا توفي زوجها وترك إرثاً لأولادها وكانوا أيتاماً، وأرادت أن تتصدق عن الزوج بحكم العاطفة والمحبة، وهي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير