تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويجب على المشتري إمضاء البيع؛ لأنه هو الذي قصّر وهو الذي غرّر بنفسه، فإذا كان ذلك المبيع في العرف يستحق العشرة صحَّ البيع ولزمه، لكن لو كان في العرف يستحق الخمسة وباعه عليه بعشرة حينئذٍ يكون خيار الغبن في الثمن -وسيأتي الكلام عليه-. المقصود: أن من اشترى شيئاً يجهله، إذا كان هذا الشيء من باب التغرير -كما ذكرنا- كأن يبيعه الشيء في كيس أو يبيعه شيئاً ملفوفاً ولا يدري ما هو، فهذا قد رأى ولكنه جهل حقيقة المبيع، أو مثل (الكراتين) الموجودة الآن دون أن يكتب عليها الصفات ودون أن يبيّن ما هي نوعية هذا الصنف أو نوعية هذا المبيع، فإن البيع لا يصحُّ؛ لأن القاعدة عندنا الجهالة، وقد اشترى ما يجهله ولو أنه رآه، فكأن المصنف هنا يريد أن يقرر لك قاعدة: أن مجرد الرؤية ليس بكاف، وأن العبرة بزوال الغرر عنه، فلو قال له: أبيعك هذه السيارة وهو لا يعلم صفاتها الداخلية لم يصحّ البيع؛ لأنه وإن كان قد رأى المبيع لكنه لم يعلم حقيقته على وجه يزول به الغرر، فصار من البيوع المحرمة، لكن لو أنه باعه الشيء في كرتون أو كيس أو وعاء ومكتوب على الغلاف الصفات، أو أخرج عَيِّنَة من هذه الأشياء الموجودة في (القرطاس) أو في (الكرتون) وقال لك: من هذا النوع، ومن هذا الصنف، وهذه الصفات صحَّ البيع؛ لأنه وإن كان لم يكشف ما بداخل الكيس لكن الصفة الموجودة أمامه تتضمن ما فيه، فلو أخذه واختلف ما في الوعاء عما رآه كان له خيار الغبن؛ لأن هذا يعتبر خلاف المتفق عليه، وخلاف العقد المبرم بين الطرفين، ويعتبر من الغش إذا قصد البائع أن يغشه، وعلى هذا فإن بيع المجهول إذا أخرج له مثالاً أو أخرج صنفاً منه أو عينة -كما تسميه العامة- وقال: هذه عينته، صحَّ البيع وجاز. قال رحمه الله: [أو وُصِف له بما لا يكفي سلماً لم يصح]. أي: إذا كان من جنس المعدودات يبين عدده، وأن يبين وزنه إن كان من جنس الموزونات، وأن يبين الكيل إذا كان من جنس المكيلات بعد بيان جنسه ونوعه وصفاته، فإذا ذكر المبيع ووصفه وصفاً معتبراً شرعاً ببيانه حتى يزول الغرر عن المشتري صحَّ البيع، وحينئذٍ يكون لك الخيار الذي يسمى بخيار الرؤية، إذاً: إذا اشتريت السلعة وقد رأيتها أمامك فلا إشكال؛ لكن لو باعك شيئاً موصوفاً في الذمة فقد التزم في ذمته أن تنطبق الصفات على الشيء الذي يعرضه عليك، فلو اختلفت الصفات عن الشيء الذي عرضه أو وصفه لك فحينئذٍ يكون من حقك أن ترد المبيع، وهذا يسميه العلماء: (خيار الرؤية)، وخيار الرؤية يقع في بيع يسمى بـ (بيع الغائب). فقوله رحمه الله: [بما لا يكفي سلماً] هذا في بيع الأشياء الغائبة، والأشياء الغائبة هي التي ليست موجودة في مكان العقد، أو تكون موجودة في مكان العقد لكن لا يستطيع المشتري أن يعلم حقيقتها، فهذا كله من الغائب، حتى ولو كان حاضراً في مجلس العقد قد يكون غائباً؛ وذلك إذا كان مجهولاً، فعندنا مبيعٌ غائبٌ حقيقة، وعندنا مبيعٌ غائبٌ حكماً، فهو موجود لكنه في حكم الغائب، وهو الذي يكون مغلفاً أو محفوظاً في أوعية ولا تستطيع كشف ما بداخل هذه الأوعية، فحينئذٍ يكون غائباً حكماً، وحكمه أنه لا يصحُّ بيعه إلاّ أن يصفه وصفاً تزول به الجهالة وينتفي به الغرر. ...... حكم بيع الحمل في البطن واللبن في الضرع منفردين قال رحمه الله: [ولا يباع حملٌ في بطن]. هذا تطبيق للشرط الذي ذكرناه، وفيه حديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه: (نهى عن بيع حبل الحبلة)، وفي السنن: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المضامين والملاقيح)، و (المضامين): ما في بطون النوق، و (الملاقيح) قيل: إنها ما في أصلاب الفحول، وهذه السنة تدل على عدم جواز بيع الأجنة في البطون، سواء كانت في الإبل أو البقر أو الغنم، فلو قال له: أبيعك ما في بطن هذه الناقة، أو ما في بطن هذه البقرة أو ما في بطن هذه الشاة، أو أبيعك ما في بطن هذه الأمة فهذا كله من بيع المجهول، ولا يجوز، ويعتبر من بيع الغرر، ويجب في هذه الحالة رد الثمن إلى صاحبه، وإلغاء البيع، ويتوقف حتى ينتهي أمد الحمل، ثم تضع الناقة، وينظر في صفة الموضوع الذي تضعه، ويجرى العقد بعد وجوده وخروجه. قال رحمه الله: [ولبن في ضرع، منفردين]. (ولبن في ضرع) أي: ولا يجوز بيع اللبن في الضرع، وقد جاء فيه حديث عن رسول الله صلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير