تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا الوجه. (والحمل) لأن ذكاة الجنين ذكاة أمه، فإذا كان في بطن الناقة ولد وذكيت الناقة فهل يصحُّ أكل الولد -أي: الجنين- أو لا؟ هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء -وستأتينا إن شاء الله في كتاب الأطعمة والذكاة، نسأل الله أن يبلغنا ذلك بعفوه وعافيته-، فعلى القول بأن ذكاة الجنين ذكاة أمه يصحُّ ويجوز أكله، بناءً على هذا إذا استثنى الحمل وقال: أبيعك هذه الشاة وأستثني حملها لم يصحّ؛ لأنك حينما تشتري الشاة وفيها الحمل، فإن الحمل يصورها لك كاملة ويصورها لك فاضلة، وترغب شراءها لوجود هذا السِّمَن الذي منه الحمل، فكأن الحمل متصل بالمبيع، وأنت تريدها للأكل، فإذا فوّت لك جزءاً من الأكل جُهل قدر المبيع، وكأن هذا الحمل إذا استثني أدخل الجهالة على قدر المبيع، وكذلك لو استثنى الشحم فإنه يدخل الجهالة على قدر المبيع، ففي كلتا الصورتين لا يصحُّ، ولذلك قال: (بخلافه) أي: العكس بالعكس، فلا يصح البيع على هذا الوجه، ولا تصحُّ الثنيا في هذه المسألة. ...... حكم بيع ما مأكوله في جوفه قال رحمه الله: [ويصحُّ بيع ما مأكوله في جوفه: كرمانٍ وبطيخٍ]. عندما ذكر المصنف رحمه الله مسائل بيع المجهولات، قد يقول لك قائل: أنت تقول: لا يصح بيع الجنين في بطن أمه ولا اللبن في الضرع، فقد يشتري الإنسان البطيخ، والبطيخ تشتريه من أجل ما بداخله، والذي بداخله لا يدرى أهو من الجيد أو من الرديء؟ ولا ندري أهي سالمة أو غير سالمة؟ فقد تخرج وفيها مرض بداخلها -كما يقع في المبيعات من هذا النوع- وإذا خرجت سالمة لا ندري أكاملة أو ناقصة؟ أهي حمراء أو دون ذلك؟ وإذا كانت حمراء لا ندري أهي حلوة أو ليست بحلوة أو بينهما؟ فهذا كله من الجهالة، وأنت قررت في القاعدة الماضية: أن بيع المجهول المغيَّب لا يصحّ، فالمصنف: -وانظر إلى دقته رحمه الله؟! - قرر لك القواعد فيما مضى، ثم شرع الآن فيما يستثنى منها، فقال رحمه الله: (ويصحّ بيع ما مأكوله في جوفه كبطيخ). فالبطيخ يصحُّ بيعه، فإن اشتريته كان لك الخيار، فإن كان البطيخ قد انكشف معيباً رددته بالعيب، وإن انكشف رديئاً رددته بالرداءة، وإن انكشف صالحاً للأكل لكنه ليس بجيد ينظر إلى الشرط، فإن قلت: أشترط أنها على السكين كان لك الحق في الرد، وإن لم تشترط لزمك البيع، إذاً إذا باع بطيخاً فإما أن تظهر معيبة فيجوز لك ردها بالعيب، وهذا بالإجماع على أن المبيعات المعيبة ترد بعيبها لحديث المصراة وسيأتي، وإن ظهرت غير معيبة وكانت صالحة للأكل فحينئذٍ إمّا أن يشترط المشتري الكمال فيردها لعدم وجود الكمال، وإمّا ألا يشترط الكمال فيلزمه؛ لأنها تؤكل، والمنفعة موجودة فيها، وهو الذي قصَّر على نفسه في اشتراط الكمال؛ لكن بعض العلماء يمنع من قولك: أشترط أن تكون على السكين، وأنا أميل إلى هذا القول؛ لأن الذي على السكين يختلف الذوق فيه من شخص إلى آخر، ولذلك تقع الخصومة بين الناس والنزاعات، ويفضي إلى قطع أواصر الأخوة بين الناس، والبيوع إذا أفضت إلى النزاعات حرمت، كبيع الرجل على بيع أخيه، وسومه على سوم أخيه، فمقصود الشرع لا يوافق مثل هذه المبيعات؛ لكن الذي يظهر أنه لا يبيع البطيخ إلاّ وسكينه بجواره، يفتش البطيخ إن كانت على ما يريد المشتري مضى البيع وإلا فلا، أما أن يبيع هكذا فالنفس لا تطمئن إلى بيعه على هذا الوجه. يبقى النظر في الرمان، والفرق بين البطيخ والرمان وجود المشقة في الرمان أكثر منه في البطيخ، ولذلك الرمان يصحّ بيعه على وجه الجهالة لوجود الحاجة، كبيع أساس الأرض مغيباً؛ لأن المجهولات إذا غيبت جاز، ثم إن بعض العلماء يقول: جواز بيع هذه الأمور يختلف عن اللبن في الضرع، ويختلف عن الحمل في البطن؛ والسبب في هذا: أن الرمان جعل الله له صفات على ظاهره يعلم بها سلامته من عدم سلامته، ويعلم بها جودته من رداءته، فالمشتري كان من الواجب عليه أن يكون عالماً بهذه الصفات، فإذا اشترى كان ينبغي ألاّ يُقدم على أن يغرر بنفسه فيشتري شيئاً لا يعلم كيفية شراء جيده من رديئه، فيشتري على هذا الوجه، فالرمان فيه صفات ظاهرة؛ لكن في الحمل الذي في البطن لا تستطيع أن ترى الناقة من بعيد، وتقول: هذه حملها ذكر أو حملها أنثى، أو أن حملها حيٌّ الآن أو ميت، فإذاً: اختلف الرمان عن غيره؛ لأن الرمان له صفات وعلامات ظاهرة، حتى قال بعض

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير