تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عليها، أما لو قال لك: أنا أشتري لك سيارة بهذه الصفات وأبيعها عليك بعشرين ألفاً .. بثلاثين ألفاً فهذا حرام؛ لأنه باعك الشيء قبل ملكه، ولا يجوز بيع الشيء قبل أن يملكه، وفي الحديث عن حكيم بن حزام أنه قال: (يا رسول الله! إن الرجل يأتيني ويريد مني الشيء ليس عندي فأبيعه، ثم أذهب وأشتريه بأقل ثم أعطيه إياه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تبع ما ليس عندك)، فحرم عليه أن يعقد الصفقة في شيء لم يدخل في حوزته؛ ولأنه إذا باعك السيارة في هذه الحالة يقدر ربحاً له، وهذا الربح وقع على شيء لم يملكه، والقاعدة في باب البيوع -وستأتينا إن شاء الله-: (أن الربح لمن يضمن الخسارة)، فكأنه إذا اتفق معك على السيارة آخذاً ربحها فإنها في ضمان الغير، هو يأخذ الربح والغير يضمن الخسارة، ولا يصح البيع على هذا الوجه. بناءً على هذا: من وكّل أحداً أن يشتري له سيارة فإنه لابد وأن يحدد له أجرة الشراء ويحدد له قيمة البيع، وعلى هذا تتفرع المسائل، إذا قلت له: اشتر لي سيارة من صفات كذا وكذا بعشرين ألفاً وأعطيته هذا الثمن أو أخرته إلى أن يشتريها، وذهب واشترى السيارة ثم ركب البحر وشاء الله عز وجل أن هاج البحر وغرقت الباخرة بما فيها من السيارات، فالسيارة تلزمك، وأنت الذي تضمنها؛ لأنه قد ثبتت يدك على السيارة منذ أن اشترى لك الوكيل، وهذه فائدة أن نقول: إنه وكيل. وبناءً على ذلك: لو أن السيارة اشتراها لك بعشرين ألفاً، فلما أحضرها إلى المملكة وأنزلها -مثلاً- في الميناء إذا بهذا النوع قد أصبح بخمسين ألفاً فقال لك: أعطيك إياها الآن بخمسين ألفاً، تقول: ليس لك منها شيء؛ لأن السيارة ملكي منذ أن اشتريت، فانظر إلى عدل الشريعة، تضمن لك الخسارة والربح، لكن لو أنه باعك إياها قبل أن يملكها وأخذ الربح على هذا الوجه فإنه ربح لما لم يضمن وبيع لما لم يملك، فالبيع فاسد من الوجهين، ولا يصح إلا على الصورة التي ذكرناها. تبقى مسألة موجودة في عصرنا الآن: وهي أن تأتي إلى الوكالة أو إلى المورِّد وتقول: أريد سيارة من النوع الفلاني من موديل السنة القادمة، يقول لك: هذه مواصفات السيارات للعام القادم أو الموديل القادم فيعطيك المواصفات كاملة؛ لكن يقول: السيارات لن تنزل إلا بعد شهرين أو ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر، فحينئذٍ يكون داخلاً في عقود الاستصناع، وعقد الاستصناع يدخله بعض العلماء تحت السلم في بعض الصور، فيكون شراؤك لما هو قادم بصفته أشبه بالسلم، ويصححون هذا البيع من هذا الوجه، لكن لو أعطاه مائة ألف على موديل قادم لا يعرف صفته ولم تخرج صفاته فإنه يكون من بيع المعدوم، وبيع المعدوم المجهول لا يصح، وعلى هذا يفرق بين ما كان معلوم الصفة وبين ما كان غير معلوم الصفة، ويفرق أيضاً بين الوكيل الذي يورِّد على ضمان من وكله للتوريد وبين من طُلب منه إحضار السلع بصفات معينة على سبيل الوكالة والإجارة. والله تعالى أعلم.

حكم التأجير المنتهي بالتمليك السؤال: ما حكم التأجير المنتهي بالتمليك، أثابكم الله؟ الجواب: التأجير المنتهي بالتمليك من بيوع الغرر التي لا تجوز شرعاً؛ والسبب في هذا: أنه يقول لك: خذ هذه السيارة واستأجرها كل شهر بمائة أو بألف، فإذا استأجرتها عشرة شهور تدفع خمسة آلاف وتملكها؛ فأدخل عقدين في عقد واحد، أو صفقتين في صفقة واحدة، وهذا كالبيعتين في بيعة، وهذا منهي عنه لوجود الغرر في تداخل العقود، فلا هو بيع محض ولا هو إجارة محضة، فقد يشتري السلعة بقصد البيع فيكره على الإجارة، وقد يريدها إجارة ويكره على البيع بعدها، فتداخل العقود من هذا الوجه موجب للغرر، وهذا بسيط ويسير؛ لكن الأدهى والأمر أنه إذا استأجرها اختلف حالها حينما أخذها عن حالها بعد عشرة أشهر، ولا ندري بعد عشرة أشهر هل يتعطل فيها شيء؟ وهل تكون صفتها على الصفة الموجودة؟ ولا شك أن استنفاد الشيء خلال عشرة أشهر أو حتى شهر لا ندري كيف يكون حاله بعد ذلك، فيكون من بيع مجهول الحال، وعليه لا يصح البيع من كلا الوجهين ويعتبر من البيوع المحرمة، وهذه كلها بيوع دخيلة على المسلمين، والمسلمون إما أن يبيعوا وإما أن يؤجروا، والإجارة لها أحكامها والبيع له أحكامه، ولا يختل المشتري ترغيباً في عقد على عقد، ولذلك قالوا: من البيوع المحرمة: أن يقول له: أبيعك داري على أن تبيعني سيارتك،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير