تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رضيت وأرضيت، وحينئذٍ لا تقذف في جوفك مالاً حراماً، فهذا الذي ينبغي للمسلم أن يفعله، فإذا فعل ذلك زكت نفسه وزكت أقواله وأعماله، وما ضر كثيراً من الناس إلا التساهل في الطعمة، وكما قلنا: إن الطعمة من الحرام قد تؤدي بصاحبها إلى النار، خاصةً حقوق الناس، وأما فيما بينك وبين الله، كالزنا وشرب الخمر -والعياذ بالله- وغيرها من المحرمات فإنه يفعلها الفاعل ثم يتوب فيتوب الله عليه وإن كانت من كبائر الذنوب؛ ولكن لو أخذ طعمة من حرام، ولو كانت قدر أصبعه فلا يمكن أن تبرأ ذمته من هذه الطعمة أو هذا الحق لأخيه المسلم إلا إذا سامحه صاحب الحق. ومما ذكروا من غرائب ما وقع للسلف: أن رجلاً حضرته الوفاة فبكى، وقال لأبنائه: سلوا جاري أن يحللني من حقه، قالوا: وما حقه عليك؟ قال: إني أصبت طعاماً كثر ودكه -أي كثر السمن فيه- فاحتجت إلى التراب فحككت جدار جاري! فاسألوه أن يعفو عني! فالمسلم دائماً يخاف من حقوق الناس، ودائماً الأشياء الكبيرة تنتج عن الأشياء الصغيرة، فيتساهل في طعمته من هذا ومن هذا ومن هذا حتى تجتمع عليه حقوق الناس فيهلك، وكان بعض العلماء يقول في قوله عليه الصلاة والسلام: (نفس المؤمن معلقة بدينه) وفي رواية: (مرهونة) إن بعض الناس تجده مشتت الفكر بسبب كثرة الديون التي عليه، وبسبب كثرة مظالم الناس وحقوق الناس؛ لأنها أحاطت به خطيئته وأوبقته حقوق الناس وأصبح كالمرهون .. يريد الصلاة .. يريد الزكاة .. يريد النشاط للعبادة فإذا به مكبّل بحقوق الناس لم يتحلل أحداً من مظلمته، وهذا من أعظم ما يوجب الخسارة للإنسان. فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يسلمنا وأن يسلم منا. اللهم سلمنا وسلم منا وتب علينا وتجاوز عنا. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبيّه وآله وصحبه أجمعين.

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[14 - 10 - 09, 04:03 م]ـ

شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [8] دلت أصول الشريعة الإسلامية على أن معلومية الثمن عند البيع من شروط صحته، فإن كان مجهولاً -سواء كانت جهالة كلية أو جزئية- كالبيع بالرقم والتشريك في الثمن أو البيع بما ينقطع به السعر لم يصح؛ لأن هذه البيوع تفضي إلى الغرر المنهي عنه شرعاً. ومن البيوع التي تحتمل الصحة وعدم الصحة: البيع المعلوم والمجهول على تفصيل فيه، أما بيع الحلال والحرام، وبيع ما يملك وما لا يملك، وبيع المشاع، فإن البيع يصح في جزء منه ولا يصح في الجزء الآخر. من شروط صحة البيع: أن يكون الثمن معلوماً بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: يقول المصنف رحمه الله تعالى: [وأن يكون الثمن معلوماً]. شرع المصنف رحمه الله بهذه الجملة في بيان الشرط الأخير من شروط البيع، وهو (أن يكون الثمن معلوماً)، وهذا الشرط دلت عليه أصول الشريعة الإسلامية، وذلك أن جهالة الثمن تُفضي إلى الغرر، وقد ثبت في الحديث الصحيح: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر)، فإذا كان الثمن مجهولاً فإمّا أن يكون مجهولاً عند البائع، وإمّا أن يكون مجهولاً عند المشتري، أو يكون مجهولاً عندهما، وفي جميع هذه الأحوال الثلاث لا يجوز البيع، ولا يصح؛ لأنه غرر نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله: (وأن يكون الثمن معلوماً)، فيقول له: أشتري منك هذه السيارة بعشرة آلاف ريال، فيبين جنس الثمن، ويبين نوعه، ويبين قدره، ولا يجعله مجهولاً في أي حالةٍ من هذه الأحوال، فلا يجعله مجهولاً جهالة كليّة كأن يقول له: أشتري منك البيت، يقول له: بكم تشتريه؟ يقول: سأرضيك .. بما يرضيك .. نتفق .. لا يضرك .. سأعطيك ما تحب، ونحو ذلك من الألفاظ التي لا يبين فيها حقيقة الثمن، فإذا صار البيع بثمن مجهول فإنه لا يصح، وهكذا لو حدد له جنس الثمن ولكنه لم يحدد له القدر أو لم يحدد له النوع كقوله: أشتري منك هذه الدار بمالٍ، ولم يبين ما هو المال .. أشتري منك هذه الدار بذهب، ولم يحدد قدر هذا الذهب .. أشتري منك هذه الدار بفضة، ولم يحدد قدر هذه الفضة .. أشتري منك هذه الأرض بمئات الألوف، ولا يحدد أهي ثلاثمائة ألف أو أربعمائة ألف أو خمسمائة ألف، فقوله: (بمئات) وإن كان قد حدد النوع لكنه لا تبرأ به الذمة، ولا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير