تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تزول به الجهالة، إذاً لابد وأن يكون الثمن معلوماً، ونحن قد ذكرنا أنه يُشترط أن يكون المثمن معلوماً، فكما أن الشيء الذي يباع ينبغي أن يكون معلوماً عند الطرفين؛ كذلك ينبغي أن يكون الشيء الذي يُدفع لقاء السلعة أو لقاء الصفقة معلوماً عند المتعاقدين، وحينئذٍ يكون كلا المتعاقدين على بينة من أمره، إن شاء أمضى البيع، وإن شاء رده. وقوله رحمه الله: (أن يكون الثمن معلوماً) هذا -كما ذكرنا- مبنيٌّ على نهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع الغرر، وبإجماع العلماء على أن هذا الشرط يشترط لصحة البيع، فلا يصحُّ البيع بالثمن المجهول. ...... حكم البيع بالرقم [فإن باعه برقْمه، أو بألف درهمٍ ذهباً وفضَّةً، أو بما ينقطع به السعر، أو بما باع به زيدٌ وجهلاه أو أحدهما: لم يصحّ]. قوله: (فإن باعه) أي: باع الشيء المعروض (برقمه)، بيع الرقم موجودٌ إلى الآن في زماننا، ويختلف من عصر إلى آخر، وأشبه ما يكون به في زماننا التسعيرة التي تكتب على الكتب، أو تكتب على الأقلام، أو على الساعات، فهذه التسعيرة رقم معين يذكر فيه المبلغ الذي يريده البائع في السلعة، فإذا كان الرقم معلوماً عند البائع غير معلوم عند المشتري لم يصحّ البيع، كأن يقول له: بكم تبيعني هذا الكتاب؟ فيقول: برقمه الذي عليه، والمشتري لا يدري كم هو؟ فيقول المشتري: رضيت، فإنه قد رضي بمجهول؛ لأنه قد يظن أنه ثمن معقول فإذا به يطلب ثمناً غير معقول، وقد يظنه بعشرة فإذا به بعشرين، وهكذا. فالمقصود: أنه إذا قال له: أبيعه برقمه، وكان الرقم مجهولاً عند المشتري، أو كان مجهولاً عند البائع، وهذا يقع في حالة ما إذا سعّروا الكتب، ثم مضت مدة من الزمان ونسي كم وضع على كتابه؟ فقال له: بكم تبيعني هذا الكتاب؟ قال له: برقمه، أي: التسعيرة التي عليه، فلربما أنه يرضى أن يعطيك الكتاب بتسعيرته، وإذا بها تسعيرة قد وضعها في زمان الكساد؛ لأن البيع يقع في حال الكساد والرخص وحال الزيادة، فلربما كان الثمن مكتوباً في حال الكساد، فيرضى به في حال الكساد، أما في حال الغلاء وحال الزيادة فلا يرضى البائع بهذا السعر، ومن هنا: لابد وأن يكون الرقم معلوماً عند البائع معلوماً عند المشتري، فإذا أخذت الكتاب، وقرأت تسعيرته وعلمت التسعيرة التي عليه، وجئت وقلت له: بكم تبيعني هذا الكتاب؟ فقال: بعشرة التي هي مكتوبة عليه، صحَّ البيع إذا علماه، ولم يصحّ إذا جهلاه أو جهله واحدٌ منهما. إذاً القاعدة: أن يكون الثمن معلوماً عند البائع معلوماً عند المشتري، فإن جَهل البائع بطل البيع، وإن جهل المشتري بطل البيع؛ لأن جهل البائع يفوت حقه في بذل السلعة بما يرضاه، وجهل المشتري كأنه أُخذ على غرة، ويكون من بيع المجهول؛ لأنه يُفضي إلى الغرر المنهي عنه شرعاً.

حكم التشريك في الثمن [أو بألف درهم ذهباً وفضَّة]. والذهب يخالف الفضة، فهو أغلى وأنفس منها، ولا يمكن في زمان أن تستوي قيمة الذهب والفضة، بل إن قيمة الذهب دائماً أغلى من الفضة، وعلى هذا فإنه إذا أعطاه رقماً، وجعله متردداً بين الذهب والفضة، أو جعله جامعاً بين الذهب والفضة بدون تحديد النسبة لم يصحّ، كأن يقول له: بمائة من الدراهم والدنانير، فهذه مائة مشتركة فيها دراهم وفيها دنانير، أو يقول له: بمائة درهم أو دينار، فإن قيمة المائة درهم ليست كقيمة المائة دينار، هذا مثال ما كان في القديم، ونمثل بالموجود الآن، مثلاً: عندنا الريالات وعندنا الدولارات، فلو أن الدولار أصله ذهب، والريال أصله فضة، فيأتي ويقول له: أبيعك هذه السيارة أو أبيعك هذه الأرض بمائة ألف ريال ودولار، فإن المائة ألف ريال لا تساوي مائة ألف دولار، فلربما أن المشتري اشترى ونيته مائة ألف ريال؛ لأنها أرخص، فيقول له البائع: لا، بل قلت لك: أو دولار، أي: ألزمك إمّا بمائة ألف ريال، أو ألزمك بمائة ألف دولار، وهذا هو الذي جعل بعض العلماء يجعله في حكم بيعتين في بيعة، فهو يجعل له ثمنين مختلفين ليسا متكافئين، إمّا أن يدخلهما مع بعضهما بالتشريك ولا يحدد نسبة كل واحد منهما، وإمّا أن يجعلهما على المقابلة فيدمجهما مع بعضهما، كأن يقول: (بمائة دراهم ودنانير) -كما ذكرنا في القديم- وفي العصر الحديث يقول: (بمائة ألف ريالات ودولارات)، فقد يصدق على (99%) منها أن تكون ريالات، و (1%) تكون دولارات والعكس،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير