تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الذي هو الأصل في يوم الجمعة، والذي يقوم الخطيب ويخطب، وهذا النداء مجمع عليه، وقد ثبتت به النصوص الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنه كان يؤذن بين يديه، وهو الذي يسميه العلماء: الأذان بين يدي الخطيب، وهو الذي عليه المعوّل وهو نداء الفريضة. ثانياً: الأذان الذي هو من السنن المعمول بها؛ لأنها سنة خليفة راشد وهو عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، فإن هذا النداء وضعه عثمان رضي الله عنه وأرضاه ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، ولم ينكره أحد من السلف، ومضى على ذلك إجماع الأمة سلفاً وخلفاً على أن هذا الأذان سنة؛ والسبب في هذا: أن عثمان رضي الله عنه نظر إلى حاجة الناس؛ لأنهم كانوا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم قلّة، ثم لما كثر الناس أصبح يؤذن الأذان الثاني وهم في خِضم البيع والشراء؛ لأنهم يفاجئون بالأذان فجأة، فشرع أو أحدث هذا الأذان الذي هو الأذان الأول، ومضت السنة عليه، وهذه السنة لا يفرق العلماء فيها بين وجود السبب أو عدم وجوده، أي: لا نعرف أحداً من أهل العلم لا من السلف ولا من الخلف يقول: إنه إذا وجد سبب يشرع وإذا لم يوجد لم يشرع؛ لأنه مثل الرمل، كان له سبب فلما زال سببه بقي سنة إلى يوم القيامة، ولذلك هذه سنة راشدة باقية، ومما يدل على ذلك أن هذا الأذان كان يحكم به العلماء رحمهم الله ولا يفرقون بين القرى الصغيرة والقرى الكبيرة ولا يفرقون بين ما يحتاج فيه الأذان الثاني أو لا يحتاج، إنما قالوا: هذا سنة، ويتعبد لله سبحانه وتعالى به ويُعمل به؛ لأن سواد الأمة الأعظم مشى على هذا، ولا يستطيع إنسان أن يشذ عن جماعة المسلمين أو يغيّر شيئاً مضت عليه السنة، خاصة في الأمور التعبدية: وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ [النساء:115]، فالإنسان إذا وجد سنة مضى عليها العمل لا يسعه إلا اتباع السلف والسير على منهجهم، فإن فصلوا فصلنا وإذا لم يفصلوا لا نفصل، فهو سنة باقية إلى قيام الساعة، كما أن الأذان الثاني باقٍ إلى قيام الساعة فإن هذا الأذان الذي أحدثه عثمان رضي الله عنه وأرضاه وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء سنة راشدة باقية. على هذا: الأذان الأول لا يتعلق به حكم، ولا يمنع فيه من البيع؛ لأن الآية نزلت في الأذان الثاني ولم تنزل في الأذان الأول، ولأنها لما نزلت في الأذان الثاني كان الوقت الذي بين الأذان الأول والثاني يشرع فيه البيع بظاهر النص والقرآن، فلما أُحْدِث الأذان الأول أُحْدِث في وقت مأذون بالبيع فيه بنص الآية الكريمة، فبقي الحكم على ذلك أنه يجوز أن يقع البيع بين الأذان الأول وبين الأذان الثاني، إنما يحرم البيع بشرط، وهذا الشرط أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: (ممن تلزمه الجمعة). (تلزمه) أي: تجب عليه، وعلى هذا كأنه في هذا الوقت مطالبٌ بما هو آكد وألزم، يقول العلماء: من الأسباب التي منع الشرع بها البيع: أن يكون وقت البيع مستحقاً لما هو أهم، ويمثلون له بالبيع بعد الأذان الثاني، وقالوا: لأن هذا الوقت مستحق لما هو أهم وهو صلاة الجمعة، فكأنه حينما أوجب البيع وقال له: بعتك وقال: اشتريت، هو في هذه اللحظة مطالبٌ أن ينصرف إلى الصلاة وذكر الله لا إلى البيع، فوقع بيعه وشراؤه على وجه عصى الله عز وجل فيه. وقوله: (ممن تلزمه الجمعة) على هذا هناك صور يأثم فيها الطرفان، وصور لا يأثم فيها الطرفان، وصور يأثم فيها أحد الطرفين دون الآخر: فالصورة التي لا يأثم فيها الطرفان: كامرأة باعت لصبي، فإن الصبي لا تلزمه الجمعة والمرأة لا تلزمها الجمعة، أو امرأة باعت لامرأة فيصحّ البيع ولا إشكال في جوازه، فليس على النساء جمعة وليس عليهن جماعة، فلا يلزم الطرفين المضي إلى الجمعة، أو مسافر يبيع لمسافر، فإن المسافر لا تلزمه الجمعة. إذاً الشرط: أن يكون الطرفان ملزمان بالجمعة، فإن تعلق الإلزام بأحدهما أثم ذلك الذي تعلق به الإلزام، وبالنسبة للطرف الثاني فإنه إذا باعه وهو يعلم أنه ممن تلزمه الجمعة يأثم؛ لأنه يعينه على الإثم والعدوان، كامرأة تبيع ...... حكم النكاح وسائر العقود بعد أذان الجمعة الثاني [ويصحُّ النِّكاح وسائر العقود]. لأن الله سبحانه نهى عن البيع وحده ولم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير