القاضي، وذكر أن الستر واجب لذاته. ثم قال: وحيث قيل بالجواز كره، وقيل: خلاف الأَولى.وحيث قيل بالتحريم ــ وهو الراجح ــ حرم النظر إلى المُنَقَّبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها، أي ما دار بهما، كما بحثه الأذرعي، لا سيَّما إذا كانت جميلة» اهـ (فتح العلام بشرح مرشد الأنام ـ 1/ 41 ـ 42)، ونحوه في مغني المحتاج (3/ 129).
9ـ وقال الشيخ تقي الدين الحصني (كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار (1/ 181): «ويُكره أن يصلي في ثوب فيه صورة وتمثيل، والمرأة متنقّبة إلا أن تكون في مسجد وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر، فإن خيف من النظر إليها ما يجر إلى الفساد حرم عليها رفع النقاب. وهذا كثير في مواضع الزيارة كبيت المقدس، زاده الله شرفًا، فليُجتنَب ذلك» اهـ.
10ـ وقال الشيخ محمد بن قاسم الغزي: «وجميع بدن المرأة الحرة عورة إلا وجهها وكفيها، وهذه عورتها في الصلاة، أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها» اهـ (فتح القريب في شرح ألفاظ التقريب (ص 19).
11ـ وقد أجاز فقهاء الشافعية للمرأة المُحْرِمة بالحج أو العمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب؛ بل أوجبه بعضهم. قال العلامة الرملي الشهير بالشافعي الصغير: «وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبًا متجافيًا عنه بنحو خشبة وإن لم يُحتَج لذلك لحرٍّ وفتنة .. ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعيَّن طريقًا لدفع نظر مُحرَّم.وقد كتب الشبراملسي في حاشيته عليه: «قوله: ولا يبعد جواز الستر أي: بل ينبغي وجوبه، ولا ينافيه التعبير بالجواز، لأنه جوازٌ بعد مَنع، فيَصدُق بالواجب» اهـ (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ومعه حاشية الشبراملسي (3/ 333).
12ـ وقال الخطيب الشربيني: «وإذا أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو ثوب متجافٍ عنه بنحو خشبة، بحيث لا يقع على البشرة. «وقد كتب البجيرمي في حاشيته على هذا القول: «فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ولو بحضرة الأجانب ومع خوف الفتنة، ويجب عليهم غض البصر، وبه قال بعضهم. والمتجه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه» اهـ (حاشية البجيرمي على الخطيب (2/ 391).
13 ــ ونقل الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي (أوجز المسالك إلى موطأ مالك ـ 6/ 197) نقلًا عن: شرح الإقناع.
في «باب تخمير المحرم وجهه» عن «شرح الإقناع» قوله: «وإذا أرادت» ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو خشبة، بحيث لا يقع على البشرة. وفي حاشيةِ قوله: «إذا أرادت»، فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ــ أي في حالة الإحرام ــ ولو بحضرة الأجانب، ومع خوف الفتنة، ويجب عليهم غض البصر، وبه قال بعضهم. والمتجه في هذه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه» اهـ.
* * * *
رابعًا: مذهب الحنابلة:
1ـ قال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله تعالى ـ: «كل شيء منها ــ أي من المرأة الحرة ــ عورة حتى الظفر» اهـ (زاد المسير في علم التفسير ـ 6/ 31).
2ـ وقال الشيخ يوسف بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي في (مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام ـ ص 120): «ولا يجوز للرجل النظر إلى أجنبية، إلا العجوز الكبيرة التي لا تشتهى مثلها، والصغيرة التي ليست محلًا للشهوة، ويجب عليه صرف نظره عنها. ويجب عليها ستر وجهها إذا برزت» اهـ.
3ـ وقال الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (كشاف القناع عن متن الإقناع ـ 1/ 309)): «والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة حتى ظفرها وشعرها» لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «المرأة عورة» رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. وعن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: «أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها» رواه أبو داود، وصحح عبد الحق وغيره أنه موقوف على أم سلمة. «إلا وجهها»: لا خلاف في المذهب أنه يجوز للمرأة الحرة كشف وجهها في الصلاة. ذكره في المغني وغيره.
«قال جمع: وكفيها» واختاره المجد، وجزم به في العمدة والوجيز لقوله تعالى:
¥