تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العقد، أو مما يشتمل على منفعة لا دليل على تحريمها وأذن الله عز وجل بها، سواءً كانت منفعة للبائع أو منفعة للمشتري أو لهما معاً، فهذه ثلاثة أنواع للشروط الصحيحة، والشروط الصحيحة هي الأساس، والأساس أننا إذا قلنا: إن الشروط مشروعة فالمراد منها ما لم يعارض الشرع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) وذلك أن بريرة رضي الله عنها لما جاءت إلى عائشة رضي الله عنها وأرضاها وأخبرتها أن أولياءها قبلوا من عائشة أن تدفع الثمن -ثمن بريرة - ويكون ولاء بريرة لهم، وهذا خلاف الشرع؛ لأن الشرع أن من أعتق الأمة أو العبد فالولاء له؛ لقوله صلوات الله وسلامه عليه: (كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق، إنما الولاء لمن أعتق) فالولاء لمن أعتق، فهم خالفوا الشرع وقالوا: الولاء لنا وهم لم يعتقوا، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) فدل هذا الحديث على أن من الشروط ما ليس من كتاب الله عز وجل، ومفهومه: أن ما كان منها موافقاً لكتاب الله وموافقاً لشرع الله فليس بباطل بل هو صحيح، ومن هنا: اصطلح العلماء على تقسيم الشروط إلى: شروط شرعية، وشروط غير شرعية، وهي الشروط المشروعة والشروط الممنوعة. ...... الشروط الصحيحة في البيع فقال المصنف رحمه الله: [منها صحيح كالرهن] [منها] أي: من الشروط ما هو صحيح، والصحيح ضد الفاسد والباطل، وهذا الصحيح لا يحكم بصحته إلا إذا وافق الشرع، ولا نحكم بصحة الشيء إلا إذا وافق الشرع ولم يشتمل على محذور يعارض كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، والشروط الصحيحة تنقسم إلى الثلاثة الأقسام التي ذكرناها وهي: ...... الشروط التي تكون من مقتضيات العقد النوع الأول: ما يكون من مقتضيات العقد ومستلزماته، فالآن مثلاً: حينما تشتري السيارة من المعرض قال لك: أبيعك هذه السيارة بخمسين ألفاً نقداً، فقلت: قبلت، فالأصل يقتضي أنك إذا دفعت الخمسين تستلم السيارة، ويقتضي أيضاً أنك إذا استلمت السيارة تدفع الخمسين، فصاحب المعرض يطالبك بالخمسين وأنت تطالبه بالسيارة، فلو قال صاحب المعرض: أشترط أن تكون الخمسين نقداً وتكون يداً بيد، ولا أقبلها شيكاً، ولا أقبلها إلى أجل، ويشترط عليك في نفس المجلس، فحينئذٍ يجب عليك أن تحضر الخمسين وتعطيه إياها في نفس المجلس، فهذا شرط يقتضي تسليم الثمن، وتسليم الثمن من مستلزمات البيع، فإذا اشترط صاحب المعرض أن يأخذ حقه حالاً فقد اشترط شيئاً من مقتضيات العقد. كذلك لو قلت له: أنا أشتري منك هذه السيارة بخمسين ألفاً؛ ولكن بشرط أن أخرجها الآن، فإنه إذا تم البيع من حقك أن تأخذ السلعة مباشرةً، فكأن هذا الشرط هو موجود في العقد؛ لكن كونك تشترطه وتلزم به المعرَض؛ لأنه قد يجري العرف بتأخيرها يوماً، وقد يجري العرف بتأخير السيارة ثلاثة أيام في المعرض، والمعروف عرفاً كالمشروط لفظاً، وبناءً على ذلك: تريد أن تخرج من هذا العرف فتقول: أشترط أن أستلمها حالاً، فيكون اشتراطك لاستلام السيارة حالاً، أو اشترطت أن العمارة تستلمها حالاً -يُخْرِج منها متاعَه، ويخرج منها أغراضه، وتستلمها- فهذا من حقك، أو تقول له: أشترط أن يكون الإفراغ فورياً، والإفراغ الفوري من مقتضيات العقد فهو يمكنك من بيعها، ويمكنك من حقك، وتحس أن حقك بيدك؛ لكن لو تأخر الإفراغ وطرأ أي شيء على الصفقة تتضرر أنت، وأيضاً لو جئت تعرضها للبيع وعلم المشتري أنها لم تفرغ لك بعد، فلا يمكن أن يقبل، وقد يتأخر في القبول. إذاً: هذه الشروط التي تكون من مقتضيات العقد؛ كتسليم الثمن، والتعجيل به، أو تسليم المثمن، والتعجيل بالتسليم من الشروط المشروعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير