تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البعير إلى المدينة وأذن له النبي صلى الله عليه وسلم وأقرّه. إذاً: هذا الشرط الذي اشترطه هو من البائع والمنفعة للبائع، فالمصنف رحمه الله من دقته ذكر لك مثالاً على المنافع التي يشترطها البائع، ثم أتبع بتكسير الحطب كمثال على المنافع التي يشترطها المشتري؛ لأن تكسير الحطب من مصلحة المشتري، فتقول: أشتري منك هذا الحطب وأشترط أن تكسره لي، ومن أمثلة ذلك في عصرنا: كأن تقول للجزّار: بكم هذا الكيلو من اللحم؟ يقول: بعشرين، تقول: أشتري منك الكيلو على أن تكسره أو تفصل اللحم عن العظم، فحينئذٍ اشترطت منفعة لمصلحتك أنت المشتري. وفي حكم هذا -في زماننا- ما لو اشترى البضاعة من المحل واشترط توصيلها إلى منزله. لكن هنا أمر لابد من التنبيه عليه وهو: أنّه إذا اشترط المشتري على البائع منفعة زائدة في البيع فينبغي أن يبين حدود هذه المنفعة، فإذا قال له: أشترط أن توصله إلى منزلي، فلابد أن يحدد مكان منزله؛ وذلك لأنها منفعة لها قيمة وثمن، وعلى هذا فلابد وأن تكون معلومة، فيحدد أين منزله، فإن كان باستطاعة البائع أن يوصله قال: رضيت. وإن لم يكن باستطاعته قال: لا أرضى. ويتفقان أو يتراضيان على حسب ما يكون بينهما بالمعروف. قال رحمه الله: [أو خياطة الثوب أو تفصيله]. القماش الخام هو الذي يوجد في طاقة القماش ولم يفصل بعد، فعندما يشتري الإنسان هذا النوع من القماش فله أحوال: تارةً يشتري القماش خاماً ولا يطلب تفصيله ولا خياطته، فيشتري -مثلاً- طاقة من القماش، فيقول للبائع: بكم هذه الطاقة؟ يقول: بمائة، قال: اشتريت، حينئذٍ لا إشكال. لكن هناك صورة أخرى وهي أن يقول له: بكم هذا القماش؟ يقول له: هذا القماش متره بستة ريالات مثلاً، يقول: كم يكفيني من الأمتار؟ قال: ثلاثة أمتار، قال: إذاً أشتري منك ثلاثة أمتار، وبكم تفصلها؟ قال: بعشرين، حينئذٍ يقول: أشتري منك الثلاثة الأمتار، على أن تفصلها لي ثوباً بعشرين، فهذه الصورة التي يَفْصِلُ فيها قيمة الخام من القماش عن قيمة التفصيل فهذه لا إشكال فيها؛ لأن المشتري اشترى ما هو مباح بيعه وهو القماش وحدد المبيع وثمنه، وليس هناك أي إشكال في جواز هذا النوع من البيع، فوقع البيع على ثلاثة أمتار من هذا القماش، فإذا كان المتر بستة ريالات فمعنى ذلك أنه اشترى بثمانية عشر، ثم تعاقد معه إجارةً على التفصيل وذلك بعشرين، فيكون مجموع القيمة ثمانية وثلاثين ريالاً، إذاً: هذان عقدان منفصلان، البيع على حدة والإجارة على حدة. الحالة الثانية: أن يقول له: بكم هذا الثوب؟ والثوب قد فصل وهو جاهز -كما يوجد الآن عند بعض الخياطين، حيث يُجهَّز الثوب ويكون على المقاس الذي يريده المشتري- بمائة، قال: اشتريت، ولكن بشرط أن تكويه لي، أو يشترط أن يغسله، فيقوم الخيّاط بغسل الثوب وكيّه وإعطائه للمشتري وهذه كلها منافع تختلف أذواق الناس ومقاصد الناس فيها، حتى لو قال له: أشترط أن تضعه لي في ورق، هذا كله من شروط المنافع التي يقصد بها حفظ المبيع أو وجود المنفعة الناشئة عن المبيع، وهذا النوع من الشروط لا بأس به، لكن لو قال له: أشترط عليك أن تخيط الثوب وأن تغسله وتكويه فحينئذٍ أدخل أكثر من شرط في عقد البيع، وهذا سيأتي إن شاء الله في مسألة الشرطين في البيع. ...... حكم الجمع بين شرطين في البيع قال رحمه الله: [وإن جمع بين شرطين بطل البيعُ]. أي: وإن جمع المتعاقدان بين شرطين في بيع بطل البيع، وهذه المسألة دليلها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك)، وهو حديث حسّنه غير واحد من أهل العلم، والعمل على ما تضمنه من دلالة. والعلماء رحمهم الله في مسألة الشرطين في البيع عندهم تفصيل وكلام، بعض العلماء يقول: أيُّ بيع اشتمل على شرطين فأنا أبطله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولا شرطان في بيع) فنهى عن الشرطين في البيع، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، وبعض العلماء فَصَّل: وتوضيح ذلك: أن الشرطين في البيع إما أن يكونا مفضيان إلى الربا، أو مفضيان إلى الغرر، أو يتضمنان محظوراً شرعياً، أو يكون الشرطان لا بأس بهما، ولو أردنا أن نختصر هذه الأحوال نختصرها بنوعين من الشروط نقول: إمّا أن يكون الشرطان متفقين مع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير