تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البيع شرطين لمنفعة أحد المتعاقدين فإنه لا يجوز، ولا شكّ أن هذا القول أشبه وأقوى من ناحية الدليل وظاهر الدليل أقوى. وكون أحد المتعاقدين يشترط منفعتين في شرطين لا شك أنه لا يؤمن من دخول الغرر. وأما الشرطان الممنوعان شرعاً: كأن يشترط شرطين محرمين موجبين للغرر، إذ لو انفرد شرط واحد محرم فإن هذا يقتضي فساد البيع، فكيف وقد اشتمل على شرطين محرمين؟! كأن يقول له مثلاً: أبيعك هذه الأرض على ألا تبيعها لأحد ولا تهبها لأحد، فإن قوله: هذا يعارض شرع الله عز وجل؛ لأن الذي يشتري الشيء من حقه أن يبيعه ويهبه، وقد حرم عليه ما أذن الله له به، فإن من ملك السلعة من حقه أن يبيعها ومن حقه أن يهبها وأن يتصرف فيها بالمعروف أو يقول له: أبيعك هذه السيارة على ألا تركبها، فإن السيارة تُشترى من أجل مصلحة الركوب. أو يقول له: أبيعك هذه السيارة على ألا تحمل عليها أحداً، أو على ألا تسافر بها إلى جدة أو إلى مكة، فهذه كلها شروط تخالف الأصل الشرعي، فالأصل أنني إذا اشتريت الشيء فأنا حرٌّ فيه أتصرف فيه كيفما أشاء، فما دام أن هذا البائع قد باع ذات الشيء، فكأنه يعارض شرع الله عز وجل بكلا الشرطين، وعلى هذا فهذان الشرطان محرمان بالإجماع، على أنه لو اشترط شرطاً واحداً يخالف مقتضى العقد فهو فاسد، فكيف إذا جمع بين شرطين، فإنه من باب أولى وأحرى. ...... الأسئلة ...... الفرق بين الشروط التي تفسد البيع والتي لا تفسده السؤال: متى يكون الشرط لاغياً والبيع صحيحاً؟ ومتى يكون الشرط لاغياً والبيع فاسداً، أثابكم الله؟ الجواب: باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فالشرط الذي يفسد البيع هو الذي يتضمن غرراً يوجب بطلان البيع، وذلك كبيع الأشياء مشترطة بشروط تدخل الغرر عليها، مثلاً: لو قال: أنا أشتري منك البستان لكن بشرط أن تكون فيه ثمرة السنة القادمة، فأنا لا أضمن، ومسألة الثمرة ليست بيدي، أو اشترى منه الناقة أو الشاة واشترط أن تكون حاملاً السنة القادمة، فالحمل علمه عند الله سبحانه وتعالى، فهذه شروط يسمونها: شروط الغرر، وهي تستلزم فساد العقد كله؛ لأن العقد قام عليها وبني عليها، فكأنه اشترى من أجل هذه المنفعة المقصودة من المبيع، لكن هذه المنفعة المقصودة من البيع تارة تكون واضحة، فيشتري البعير بما فيه، أو الناقة بما فيها، أو البقرة بما فيها، أو الشاة بما فيها؛ لكن أن يشترط أن المزرعة تكون منها ثمرة السنة القادمة، فهذا ليس بوسع أحد، ولذلك ينص العلماء رحمهم الله على بطلان البيع وفساده؛ لأن هذا الشرط يوجب الغرر ولا يمكن أن تتم الصفقة إلا به؛ لأنه مركب عليه؛ لأن نفس الثمرة مقصودة، فلو قلت: نصحح البيع ونلغي الشرط ظلمت المشتري؛ لأن المشتري إنما أشترى من أجل الثمرة. وأما الشرط الذي يصح معه البيع ويفسد الشرط، فهذا مثل الشرط الذي لا يكون في صلب العقد، أي: ليس بمؤثر في صلب العقد، فلا يتضمن غرراً ولا يتضمن رباً، ولا يئول إلى غرر ولا إلى ربا، فمثلاً: لو اشترط أن يكون الولاء له كما في حديث عائشة رضي الله عنها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قضاء الله أوثق، وشرط الله أحق، إنما الولاء لمن أعتق) فصحح البيع وألغى الشرط، مع أن أهل بريرة باعوها بشرط أن يكون الولاء لهم. ولذلك لابد من معرفة طبيعة الشرط، فما كان منها مبنياً على الثمرة المقصودة من العقد، فمن الظلم أن نصحح العقد فنلزم المشتري بشيء لم يرده ولم يقصده، وفي هذه الحالة نبطل البيع فنرد الثمن للمشتري ونرد المثمن للبائع إنصافاً ورداً للحقوق إلى أصحابها، والله تعالى أعلم.

حكم الشروط في النكاح السؤال: تكلمتم عن الشروط في البيع فهل تجوز الشروط في النكاح، أثابكم الله؟ الجواب: النكاح تجوز فيه الشروط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيح: (إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج) والشروط في النكاح تنقسم كما تنقسم الشروط في البيع، فتارةً تكون مشروعة وتارةً تكون ممنوعة، فالشروط المشروعة هي التي توافق مقتضى العقد، كأن يقول الولي للزوج: زوجتك بنتي بعشرة آلاف حاضرة، قال: قبلت، على أن يكون الزواج هذا الأسبوع، فإن استعجال الزواج يمضي العقد ويوافق مقصود الشرع من إمضاء العقد، أو اشترط أن يدخل على زوجته

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير