تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المبيع، أو يبيعك ناقة عشراء، أو بقرة أو شاة حاملاً، فإنه بعد مدة قد تضع هذه الناقة أو البقرة أو الشاة حملها، فينفصل النماء عنها. فيقسم العلماء رحمهم الله النماء في المبيعات إلى قسمين: النماء المتصل والنماء المنفصل. والسبب في هذا اختلاف الحكم، وتعذر الاستيفاء في أحد النماءين دون الآخر، ولذلك يختلف الحكم في النماء بحسب اختلاف نوعية النماء. أما سبب ذكر المصنف لهذه المسألة: فلأنك تقول: إن خيار الشرط جائز ومشروع، فلو أن رجلاً اشترى شاة وهي حامل على أن له الخيار شهراً، وفي أثناء الشهر ألقت هذه الشاة ما في بطنها فولدت، فهذا النماء كان متصلاً بالمبيع، ثم أصبح منفصلاً عنه، فحينئذ يرد السؤال: ما حكم هذه الزيادة لو رد المبيع؟ هل يرد المشتري الشاة فقط؛ لأن العقد إنما كان على الشاة فقط، أم أنه يرد الشاة وولدها؛ لأنه باعه الشاة وفيها الولد؟ كذلك أيضاً ربما اشترى منه شاة وهي ضعيفة هزيلة، فقال له: بعتك هذه الشاة بخمسمائة، فأخذت الشاة، ثم قلت: لي الخيار شهراً .. أو لي الخيار أسبوعين، ففي مدة الخيار كنت تحلبها وتشرب من لبنها، ثم رجعت وقلت: لا أريد، فهو يقول لك: أنت استفدت من شاتي، واللبن الذي فيها تابع لعقد بيعنا، فما دمت لا تريد الشاة فأعطني قيمة اللبن الذي شربته، وأنت إذا جئت تتأمل تقول: من حقه أن يقول هذا الكلام مبدئيا، ً وله وجه؛ لأن الصفقة إنما كانت على المبيع، وهذا المبيع منه نتاج فينبغي أن يرد المبيع ونتاجه، أو يرد المبيع ويضمن النتاج، ففي هذه الحالة يكون الحق للبائع. وقد يكون الحق للمشتري، كأن تشتري الناقة هزيلة، فتردها سمينة، وتقول له: يا أخي! قد بعتني هذه الناقة وهي هزيلة ضعيفة، وأوجبنا البيع على مبيع بهذه الصفة الناقصة، وقد اعلفتها وأحسنت القيام عليها، أو داويتها وعالجتها فأعطني حقي ما دمت لا تريد إمضاء البيع، وهذا مما تقع فيه الخصومات والنزاعات بين طرفي العقد (البائع والمشتري) إذا اختار أحدهما في خيار الشرط عدم إمضاء الصفقة. ومن هنا يعتني العلماء رحمهم الله بهذه المسألة، ومن دقة الفقهاء أنهم إذا ذكروا الحكم ذكروا ما يترتب عليه من مسائل، واعتنوا بما يترتب عليه من مشاكل؛ لأن طالب العلم يحتاج الفقه للفتوى ويحتاجه للقضاء والفصل في الخصومات، فمن هنا يرد السؤال: إذا كان النماء متصلاً أو كان النماء منفصلاً فهو لمن؟ فقال المصنف رحمه الله: [وله] الضمير عائد إلى المشتري، [نماؤه] أي: نماء المبيع يكون للمشتري دون البائع. [المنفصل] مفهوم ذلك أن المتصل يكون للبائع؛ لأنه يرده، يرد المبيع بحالة أكمل، فقوله رحمه الله: [وله نماؤه المنفصل] أي: للمشتري، وعند العلماء في المتون الفقهية شيء يسمى: مفهوم الصفات أو مفاهيم المتون الفقهية. وهنا لما قال: [وله نماؤه المنفصل] مفهومه أن للبائع النماء المتصل؛ لأن السلعة تعاد إلى البائع، فقابل رحمه الله المنطوق بالمفهوم، فمنطوق العبارة: للمشتري نماء المبيع المنفصل، ومفهومها: وللبائع نماء المبيع المتصل، إذا ألغيا الصفقة، فأعيد المبيع للبائع؛ لأنه لا يمكن فكه عنه بحال، وكذلك العكس. [وله نماؤه المنفصل وكسبه] أي: للمشتري في مدة الخيار أن ينتفع بالنماء والزيادة الموجودة في المبيع منفصلة عنه، فيشمل اللبن إذا كان يحلب الشاة، أو يحلب الناقة أو يحلب البقرة؛ لأن هذا الحليب يكون نماءً منفصلاً ملكاً للمشتري دون البائع. وكذلك (كسبه)، وهو يكون من نتاج ينتفع به ويرتفق، ولو جز صوفها أو نحو ذلك مما ينتفع به كالثمرة الموجودة في البستان، فإنها تكون للمشتري، إذا استفاد منها أثناء مدة الخيار. لكن لو أن المشتري لم يجز الثمرة، ولم يتصرف بها، وأعاد المبيع كما هو، ثم قال: سآخذ هذا النماء؟ فيقال له: إنما كان لك قبل أن يتبين أن البائع لا يريد البيع، أما وقد تبين أن البائع يريد البيع، فحينئذ ليس لك من النماء المنفصل شيئاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير