تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جالسين، فلو قال المشتري: يا فلان -يخاطب غيره- اشترِ مني هذه السيارة بأحد عشر ألفاً، فلا يجوز؛ لأنه لم يفترق عن أخيه حتى يتم البيع الأول. فالمعنى أنه يحرم ولا يصح في مدة الخيار تصرف أحد المتعاقدين بائعاً كان أو مشترياً؛ لأنه يخالف شرع الله عز وجل، فنص المصنف أولاً على الحرمة؛ لأنه ليس من شيمة المسلم أن يكذب على أخيه المسلم وليس من شيمته أن يغشه، ويختله أو يخدعه في بيعه فيقول له: بعتك، ويقول الآخر: اشتريت على أن لي الشرط ويتم البيع بينهما بشرط، فيتصرف قبل تمام الشرط بل على كل منهما أن يتم للآخر شرطه. وجمع المصنف بين (يحرم ولا يصح)؛ لأنه في بعض الأحيان قد يحرم الشيء ويصح البيع، مثلاً: البيع بعد آذان الجمعة الثاني حرام ولكنه صحيح عند جمهور العلماء؛ لأن الأركان تامة والشروط تامة، وجاء النهي من جهة الوقت والزمان، فهو ليس براجع إلى ذات البيع وإلى ما هو متعلق بعين المبيع ثمناً كان أو مثمناً، فأوجب الصحة. وعلى هذا يقولون: يأثم والبيع صحيح، فيأثم لأنه باع في وقت لا يأذن الشرع بالبيع فيه، والبيع صحيح لأنه تام الشروط تام الأركان. فعلى قوله: (يحرم ولا يصح) فإنه إذا تصرف فباع العمارة قبل تمام الشرط فسخ البيع الثاني، ولو تصرف بالعمارة فوهبها لغيره، فسخت هبته ولم تصح، والحكم للبيع الأول، فإما أن يمضي، وإما أن يلغي على حسب ما اتفق عليه المتعاقدان.

حكم التصرف في الثمن المعين مدة الخيار قوله رحمه الله: [وعوضه المعين فيها بغير إذن الآخر]: (فيها) أي: في صفقة البيع. سبق في أول كتاب البيع معنى المبيع المعين، والمبيع المعين: أن تقع الصفقة على عين المبيع، فمثلاً: بعتك هذا الكتاب، فإذا قال: بعتك هذا الكتاب، فقد تعين، فلا يصح أن يأتي بكتاب ولو كان مثله وشبيهه تماماً؛ لأن البيع وقع على معين، ولا بد أن يكون الإمضاء على هذا المعين الذي اتفقا عليه؛ لأنه خصص البيع به، فليس بيعاً على موصوف في الذمة، وإنما هو بيع على حاضر أو على معين، فحينئذٍ يلتزم الطرفان بهذا الشيء المعين، فلا يجوز أن يتصرف أحدهما فيه في مدة الخيار. فمثلاً: لو قال له: بعتك هذا الكتاب بهذه العشرة، على أن لي الخيار يوماً، فيحفظ العشرة بعينها، فإن كانت برأسها -كما يقولون- حفظها برأسها، وإن كانت من فئة الخمسة يحفظ الخمستين بعينهما، ولا يتصرف في عين العشرة فيردها مصروفة مثلاً. ولو قال لك: بعني هذا القلم بهذه العشرة، فلما قال لك: بعني هذا القلم بهذه العشرة، فالعشرة تعينت، فلو أنك أثناء المجلس، أخذت العشرة ووضعتها وأردت أن تشتري بها شيئاً آخر، فقال لك: يا أخي هذه العشرة عليها خيار، فقلت: سأرد مثلها، نقول: لا يجوز؛ لأن البيع وقع على عينها. وهذا يدل على دقة الشريعة الإسلامية وحفظها حتى لألفاظ المتبايعين، وهذا يدل أيضاً على أن الشريعة تريد أن تنصف كلاًّ من البائع والمشتري في حقه، لماذا؟ لأني لو قلت: بعتك بهذه العشرة، فمعناه أنها بعينها، فإن كانت مصروفة فمصروفة، وإن كانت غير مصروفة وكانت كاملة برأسها فهي كاملة؛ لأنها إذا كانت كاملة برأسها فصرفها فيه مشقة، والعكس: فحينما يقع البيع على شيء معين، ينبغي أن يتقيد بذلك الشيء المعين، ولذلك لو جئت إلى (الصيدلية) مثلاً وقلت له: بكم تبيعني هذا الدواء، قال: أبيعك إياه بعشرة ريالات، فأعطيته العشرة ثم أخذت الدواء فوجدت فيه عيباً، فجئت ترده قال لك: أعطيك بدلاً عنه، ولا أرد لك المال، فليس من حقه؛ لأن البيع وقع على معين، ولم يقع على موصوف في الذمة، لكن لو أعطيته الورقة التي فيها وصفة الطبيب فالتزم أن يحضر لك ما تنطبق عليه صفات هذه الوصفة، فقد وقع البيع على موصوف في الذمة. وبناءً على هذا: إذا وقعت الصفقة بين المتبايعين على شيء معين، ينبغي أن يرد العين، ولا يتصرف في عينه؛ لأن بعض الأشياء إذا عينت وحددت وجاء الشخص ببدل عنها، لم يرض الناس بالبدل، ولو كان مثله. فهو مثلاً يريد هذا الشيء بعينه، ويريد هذا الكتاب بعينه، فليس من حقك أن تتصرف فتأتي له بمثله. فلو باعك نسخة من صحيح البخاري بمائة ريال، فقلت: قبلت على أن لي الخيار ثلاثة أيام، وهو أيضاً له الخيار ثلاثة أيام، فتم البيع بخيار شرط، فالنسخة هذه من صحيح البخاري التي لونها أخضر، وبهذه الصفات المعينة المحددة، لو أنك جئت بمثلها قبل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير