تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

البيت، كانكسار سقفه، فإنه إذا باعك البيت ثم تبين أنه منكسر السقف، أو لا تأمن أن يسقط السقف عليك، فهذا نقص في المالية، من حقك أن ترد به البيع، أو باعك عمارة وتبين أن فيها دوراً كاملاً مشقق، أو جميع أدواره مشققاً، بحيث قال أهل الخبرة: هذا ضرر فادح أو فيه خطر على السكنى في مثل هذا، فمن حقك أن ترد. كذلك أيضاً إذا باعك وكانت الغرف مقسمة على وجه لا يمكن معه الانتفاع، كأن تشتريها للسكنى، وقلت له: أريد عمارة فيها شقق من أجل أن أؤجرها، أو من أجل أن أسكنها، وتبين أن هذه العمارة كانت سكناً للعمال، ونظامها في التقسيم لا يصلح أن تصير به شققاً، فهذا مضر لمنفعتك ويمنعك من الارتفاق بها، فيحق لك الرد، فهذه كلها عيوب حسية في ذات المبيع. وهناك عيوب في العقارات، فقد يكون العقار أيضاً فيه عيب حسي إذا كان من الأراضي والمزارع، مثل: أن يبيعه مزرعة في مجرى السيل، فإن المزرعة في مجرى السيل عرضة إلى أن يأتي السيل ويأخذ ما فيها من زرع وحرث وما فيها من ماشية، بل وما فيها من أنفس، فإذا تبين أن مكانها مهدد بالسيل، كان من حقه أن يرد؛ لأن هذا العيب يضر به، وقد يؤدي إلى هلاكه وذهاب أمواله. وحينما ذكرنا عيوب العمائر، أو عيوب البيوت من انشقاق السقف، أو انكسار خشبه، أو وجود الأرضة التي كانت تأكل السقف في القيديم، فهذه كلها عيوب حسية. لكن قد يكون العيب في البيت معنوياً، وذلك مثل سكن الجن في البيت، أي: إذا كان البيت مسكونا، ً وهذا معروف بالمشاهدة والتجربة، وقد نبه الإمام ابن قدامة رحمه الله والمتقدمون على مثل هذه العيوب، فلو كانت الدار مسكونة، وهذا له علامات، ففي بعض الأحيان ينفتح الباب بدون وجود شخص، وفي بعض الأحيان ينطفئ المصباح بدون أن يطفئه آدمي، وفي بعض الأحيان تسمع الأصوات، فلابد أن توجد دلائل بشهادة أهل الخبرة أن هذا البيت مسكون، ففي هذه الحالة من حقه أن يرد البيت. كذلك أيضاً: الجار السوء، فجار السوء الذي يؤذي الإنسان، قال بعض العلماء: إنه عيب معنوي، فذات الدار كاملة، وصفاتها كاملة؛ لكن إذا تبين أن جارها جار سوء يؤذي الإنسان في عرضه، ويؤذيه في نفسه بالكلام عليه، ولا يأمنه إذا غاب على أهله، ففي هذه الحالة قال بعض العلماء: إن جار السوء يستحق به الرد، خاصة إذا كان شريراً ومضراً. إذاً: العقارات يكون عيبها حسياً، ويكون عيبها معنوياً. فإذا كانت البيوت فيها عيب السكن، وعيب جار السوء، فكيف يكون في المخططات والأرضين؟ يكون في المخطط بعدم القيمة للأرض، وذلك بعدم وجود الصك الشرعي لها، فلو باعه أرضاً وتبين أن صكها مزور، أو أن الصك ليس لها إنما هو لغيرها، ففي هذه الحالة من حقه أن يرد، فكل هذه الصفات وهذه العيوب مؤثرة في المبيع، إما أثرت في عين المبيع، أو أثرت في قيمة المبيع والانتفاع به. وأما عيوب الدواب فكما ذكرنا، فيكون العيب في ذاتها، الذي هو العيب الحسي، مثل مقطوعة القدم، ومقطوعة الرجل، مقطوعة اليد والشلاء، ومقطوعة الأذن، مثلاً: لو اشتريت شاة للأضحية، وتبين أنها مقطوعة الأذن، فحينئذٍ من حقك الرد؛ لأن مثلها لا تستطيع أن تضحي بها، على قول من قال: في حديث عدي رضي الله عنه: إن مقطوعة الأذن لا يضحى بها. في زمننا الحاضر مثلاً: لو اشتريت شاة وتبينت فيها الأورام والغدد، التي قد تضر بالإنسان إذا أكل من لحم هذه الشاة، فإذا تبين أن فيها هذا العيب وفيها هذا الضرر، كان من حقك أن ترد. وعيوب الدواب المعنوية مثل: إذا جاء يركب على الفرس ينفر منه، إذا جاء يركب على الناقة نفرت منه

مشروعية خيار العيب ذكر المصنف رحمه الله خيار العيب، والسؤال: ما هو الدليل على كون المسلم يستحق عند وجود العيب رد المبيع؟ الدليل على ذلك: كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وإجماع أهل العلم. أما كتاب الله: فإن الله سبحانه وتعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29] هذه الآية الكريمة وجه الدلالة منها في قوله: لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء:29] و (الباطل) أكل المال بدون وجه حق. وعلى هذا: لو باعك السيارة كاملة بعشرة آلاف، وظهر بها عيب ينقص قيمتها إلى ثمانية آلاف، فمعناه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير