تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الله عليه وسلم: (الخراج بالضمان). فالشرط الثاني أن يكون العيب موجوداً حال العقد، وإذا قلنا: (حال العقد)، فإنه يشمل الصورتين، أن يطرأ حال العقد، أو يكون العيب وجد من قبل العقد، ففي كلتا الصورتين يعتبر عيباً مؤثراً. الشرط الثالث: ألا تكون على علم بهذا العيب. فإذاً: لا بد أن يكون العيب مؤثراً، وأن يكون سابقاً لتمام العقد ولو كان مصاحباً، وألا يكون عندك علم بهذا العيب، فلو أخبرك به ثم جئت لترد، قيل لك: قد أخبرك وبرأ ذمته بالإخبار، وليس من حقك أن ترده ما دام أنه قد أخبرك. ولا يشترط أن يكون العيب معلوماً أو أن يكتشف العيب بعد العقد مباشرة، فالعيب لو اكتشف بعد سنة أو بعد سنتين، بل ولو بعد عشر سنوات كان من حقك أن ترد. مثال ذلك: لو باعك رجل أرضاً على أنها بالصك، ثم بعد عشرين سنة تبين أن الصك مزور، أو أن الصك ليس على هذه الأرض وإنما هو على أرض أخرى، أو أن في الصك خطأً، وحينئذٍ إذا ثبت هذا كان من حقك أن ترد ولو بعد عشرين سنة، فالعيب لا يتأقت، أي: من حقك الرد في أي وقت تعلم به، فلا يشترط أن يكون قريباً من وقت البيع، ولا يشترط أن يكون في نفس السنة، أو في نفس الشهر أو في نفس الأسبوع أو نفس اليوم، فهذا حق ثابت لك ولو بعد حين ....... التراخي في خيار العيب ودلالته على الرضا بناءً على هذا يرد السؤال بالنسبة للمطالبة بخيار العيب: إذا اشتريت سيارةً أو اشتريت أرضاً أو عمارةً، وتبين لك أن بها عيباً، فإنه من حقك أن تطالب برد المبيع الذي بان عيبه مباشرة، وهذا يسمى المطالبة بالفور، من حقك أن تطالبه فوراً، ومن حقك أن تتراخى بما تعذر به، فإن كان التراخي يشعر بالرضا، سقط حقك في المطالبة بأرش العيب ورد المبيع. إذاً: يشترط أن يطالب الإنسان على وجه لا يسبقه ما يدل على الرضا، فإن سبقه ما يدل على الرضا من تراخٍ دالٍ على الرضا، أو صريح قول، أو دلالة فعل، فإنه يسقط حقه في رد المبيع، ويسقط حقه في المطالبة بالأرش. فلو قال: قد رضيت، فهذا الرضا باللسان، ويعتبر إقراره بالرضا حجة عليه؛ لأن الإقرار أقوى الحجج، ولذلك يقول العلماء: إنه سيد الأدلة، والسبب في هذا: أنه لا أقوى من شهادة الإنسان على نفسه؛ لأنه لا يعقل أن يشهد العاقل على نفسه بما فيه الضرر إلا وهو صادق، ولذلك إذا قال: إني رضيت، أو حينما علمت بهذا العيب رضيت من نفسي، سقط حقه في المطالبة. ومسألة التراخي والفورية، بعض العلماء يقول: خيار العيب على الفور، فلو أخره سقط حقه، فمثلاً: اطلع على العيب الساعة التاسعة، وكان بإمكانه أن يذهب إلى البائع، فتأخر إلى اليوم الثاني؛ سقط حقه؛ لأن تأخره إلى اليوم الثاني وسكوته في هذه المدة يدل على الرضا. وبناءً على ذلك قالوا: لا بد وأن يطالبه فوراً، وهذا المذهب في الحقيقة أحوط المذاهب وفيه قوة، وأما التراخي فإن وجد عذر لتراخيه قبل، أما إذا لم يوجد عذر فإنه يقوى القول أن التراخي مشعر بالرضا؛ لأن الدلالة على الرضا تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: دلالة الأقوال. القسم الثاني: دلالة الأفعال. وأقوى القسمين: دلالة الأقوال، كأن يقول له ابنه: إن السيارة معيبة، أو وجدت في السيارة عيباً، أو جدت في الدار عيباً، فقال: لا بأس، رضيت، فهذا يدل على أنه رضي، أو اشترى من ابن عمه سيارة أو أرضا، ً فجاءه من يقول له: إن السيارة معيبة، أو هذه الأرض بها عيب، قال: هذا ابن عمي وقد رضيت، فهذا اللفظ: (قد رضيت) يدل دلالة صريحة على أنه لا يطالب بحقه، فيسقط حقه في المطالبة برد المبيع. ودلالة الفعل، تقدم معنا في بيع المعاطاة أنها تنزل منزلة القول في الرضا، ولذلك قلنا: إن البيع ينعقد بالأفعال كما ينعقد بالأقوال. والله اشترط في البيع الرضا، فقال سبحانه: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29] فأوجب الله عز وجل أن يوجد الرضا في التجارة أعني: البيع، وبينا هناك أن دلالة الفعل تدل على الرضا كدلالة القول: ينعقد البيع بما يدل على الرضا وإن تعاطى الكل فما قالوا إن البيع ينعقد بالأفعال كما ينعقد بالأقوال؛ إلا لأنهم نزلوا دلالة الأفعال منزلة الأقوال. ومن هنا قالوا: إذا وجد منه تصرف يدل على الرضا بعد العلم، سقط حقه في الرد، فإنه إذا قال له فلان: السيارة معيبة، فقال لغيره: بكم تشتري مني هذه السيارة المعيبة؟ فإنه لما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير