تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

باعها للغير دل على أنه راضٍ عن العيب الموجود فيها، وإذا رضي سقط حقه في المطالبة برد المبيع المعيب. قال رحمه الله: [ولا يفتقر إلى حكم ولا رضا، ولا حضور صاحبه] أي: ولا يفتقر خيار العيب إلى حكم القاضي؛ لأن هناك أشياء تتوقف على حكم القاضي: فمثلاً الخلع، قالوا: يتوقف على حكم القاضي، فالأشياء التي تتوقف على حكم القاضي لا يثبت فيها الحق إلا بعد الرفع إلى القاضي، فيثبت القاضي الحق ثم يحكم به، لكن خيار العيب لا يفتقر إلى حكم القاضي، فأنت إذا علمت العيب في المبيع كان من حقك أن تأتيه، وتقول له: يا فلان! هذه السيارة بها عيب، وأنا لا أريدها ما دام هذا العيب موجوداً فيها، فحينئذٍ مطالبتك برد المبيع لا تتوقف على أن ترفعه إلى القاضي، لكن لو أصر وقال: بعتها لك بدون عيب، وأنت تقول: يا فلان! ما كذبتك، ولا غششتك، وهذا المبيع معي، فقال لك: لا أرد، فاختصمتما إلى القاضي، فحينئذٍ يفتقر الأمر إلى حكم القاضي؛ لأنه لم يصدق، فلو أقمت البينة والشهود على وجود العيب، كان من حقك أن تلزمه بالرد ويجب عليه شرعاً أن يرد، وأما إذا لم تقم البينة ففيها تفصيل، وهو الذي سنذكره إن شاء الله في مسألة اختلاف البائع والمشتري. وقوله: (رضا) أي: ولا يفتقر إلى رضا الطرف الثاني، فلا يتوقف خيار العيب على رضا البائع، فلو جئت إلى البائع وقلت له: هذه السيارة التي بعتنيها فيها عيب كذا وكذا، وأنا لا أريدها، فإنه يجب عليه شرعاً أن يرد، ولا يشترط رضاه بالرد، بل يلزم شرعاً بالرد. فإذا وجد العيب فإنه يلزم شرعاً بإعطاء الناس حقوقهم ورد أموالهم إليهم، وإذا شاء المشتري أن يأخذ الأرش ويقبل المبيع على التفصيل الذي تقدم بيانه، فإنه لا حرج عليه في ذلك. وقوله: (ولا حضور صاحبه) أي: ولا يشترط أيضاً حضور صاحب المشتري وهو البائع، فيمكن أن يرده إلى وكيله أو العكس، فلو أنك وجدت في السيارة عيباً، فأرسلت رجلاً فقال: يا فلان! فلان يقرأ عليك السلام ويقول: سيارتك التي بعته إياها معيبة، ويقول لك: رد هذه السيارة فهو لا يريدها، فقال: لن أرد حتى يحضر لم يكن له ذلك، فلا يشترط حضور الطرف الثاني. وهكذا عند القاضي لو أنك لا تستطيع الحضور عند القاضي فنصّبت وكيلاً، أو محامياً يدافع عن حقك في العمارة التي ظهر بها العيب، أو الأرض التي ظهر فيها العيب، كان من حقك، فلا يقول خصمك: أريد خصمي أن يحضر فليس من حقه هذا، إنما يقضى عن الشخص أصالة عن نفسه وكذلك وكالة عن غيره، ولا يشترط حضور خصمه بعينه.

اختلاف المتبايعين في وقت حدوث العيب قال رحمه الله: [وإن اختلفا عند من حدث العيب فقول مشترٍ مع يمينه]: العيوب منها ما يدل الدليل على أنه سابق للعقد. ومنها ما يحتمل أن يكون سابقاً، ويحتمل أن يكون طارئاً. وعلى هذا فما كان قبل العقد أو ظهرت الأمارات على أنه لا يكون إلا قبل العقد، كزوائد الخلقة، وهكذا بالنسبة للعاهات الخلقية التي حتى ولو كانت مغيبة فإنها تكتشف في ذلك المبيع، فإنه يعتبر دليل الظاهر دالاً على صدق المشتري، ولا يحتاج أن يحلف ويلزم البائع بالرد؛ لأن الدليل قام على أنها موجودة حال العقد، فإن نبات الأصبع الزائد، ووجوده ليس مثله يحدث في الزمن اليسير، وغالباً ما يكون مع الخلقة في الإنسان، وهكذا لو باع بهيمة فيها خلقة زائدة ونحو ذلك من العيوب التي يوجد الدليل أو تقوم الأمارة على أنها موجودة في المبيع من الأصل ....... أهمية معرفة المدعي والمدعى عليه هذه العيوب ليس بوسع البائع أن ينكر وجودها قبل العقد، فحينئذٍ إذا ادعى المشتري وقال: هذا العيب موجود، وقال البائع: لم يكن موجوداً، فإن دليل الظاهر دالٌ على كذب البائع، فيقبل قول المشتري ويلغى قول البائع، وهذا يسمونه: دليل الظاهر. إذا اختصم الرجلان في أمر، فأحدهما مدعٍ والثاني مدعى عليه، ولا بد لك إذا جئت تفصل بين اثنين في خصومة أن تعلم من المدعي ومن المدعى عليه، وإذا اختصم الرجلان ولا يُعرف من منهما المدعي ومن المدعى عليه، فإنه لا يمكن أن تحل هذه المشكلة. حتى طلاب العلم إذا تناظروا مع بعضهم واختلفوا في المسائل لا بد وأن يضعوا أصلاً يعرف به من المدعي ومن المدعى عليه؛ لأنه إذا علمنا من المدعي طالبناه بالدليل، وإذا علمنا من المدعى عليه بقينا على قوله، حتى يأتينا هذا المدعي بما يدل على خلاف ما ذكر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير