تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المسلم للمسلم لا كذب فيه ولا خيانة ولا غش ولا تدليس، فإذا ظهر أنه كاذب فله يضمن الحق، والقاضي يعزره، إذا ثبت عنده أنه كذب على فلان في رأس المال، فيعزره بما يناسبه ويناسب من كذب عليه. وكذلك أيضاً إذا ثبت أنه أخطأ فإنه يعذر، وحينئذٍ يبقى استحقاق صاحب الحق برده بما فضل. فإذاً: نحتاج أن نبحث مسائل في خيار التخبير: أولها: بيع المرابحة. ثانيها: بيع المواضعة. ثالثها: بيع التورية. رابعها: بيع الشركة. فهذه أربعة أنواع من البيوع. فبيع المرابحة: اصطلح العلماء رحمهم الله على أن بيع المرابحة أن تشتري الشيء ويأتي من يرغب فيه ويقول لك: كم رأس ماله؟ تقول: رأس مالي مائة، يقول: أو أربحك العشر، أو الربع، أو النصف، أو المثل، فلو اشتريته بعشرة، وقال لك: أربحك المثل، فمعناه أنه سيشتريه بعشرين، ولذلك يسمونه بيع المرابحة، ومنه القصة المشهورة لعثمان رضي الله عنه وأرضاه في عام الرمادة، حين جاءت إبله من الشام محملة بالزيت والطعام إلى المدينة، فجاءه التجار وقالوا له: بع يا عثمان، قال: كم تعطونني؟ قالوا: نعطيك بالدرهم درهمين، أي: نربحك الضعف، قال: أعطيت أكثر، قالوا: نعطيك ثلاثة، أي: ثلاثة أضعاف، قال: أعطيت أكثر، قالوا: نربحك أربعة إلى خمسة، قال: أعطيت أكثر، قالوا: من أعطاك وليس بالمدينة تجار غيرنا؟ قال: أعطاني الله بالدرهم عشرة إلى سبعمائة ضعف، هل عندكم هذا؟ قالوا: لا قال: أشهدكم أنها للفقراء، وتصدق بها رضي الله عنه وأرضاه. فكان معروفاً عند التجار أن التاجر يأتي لأخيه ويقول له: صفقتك -مثلاً- من الزيت سأربحك الضعف، فيعرفون أنه سيدفع ضعف رأس مالها. لكن هنا سؤال وهو: هل في بيع المرابحة تحتسب رأس المال الأصلي، أو تحتسب الكلفة؟ هذا أمر يحتاج إلى نظر، فمثلاً: لو اشتريت طعاماً وقيمة الطعام مائة ألف، لكنك نقلته من جدة إلى مكة، وكلفك النقل عشرة آلاف، فهل نقول: رأس المال المائة ألف أو نقول: رأس المال مائة وعشرة آلاف؟ الصحيح أنها مائة وعشرة، وأن عليه أن يبين ويقول: رأس مالي بكلفته مائة وعشرة، أي: كلفتني هذه الصفقة مائة وعشرة. إذاًَ: بيع المرابحة يشترط فيه أن تملك السلعة وأن تكون في حوزتك حتى تبيعها؛ لأنك لو بعتها قبل أن تملكها فقد بعت ما لم تملك، ومن هنا يتبين خطأ من يقول: يدخل في بيع المرابحة أن تذهب وتختار السيارة ثم تأتي إلى المؤسسة لكي تشتريها لك، ثم تأخذها منها بالتقسيط بعد أن تدفع المؤسسة ثمنها نقداً، وهذا عين الربا، وليس من المرابحة في شيء، فبيع المرابحة صورته معروفة ومعهودة ومشهورة عند العلماء: وهي أن تشتري الصفقة بقيمتها، دون أن يدلك عليها أو يخبرك أحد أنه سيشتريها منك مستقبلاً سواء كانت عقاراً أو منقولاً، وبعد أن نشتريها يأتيك من يساومك بعد أن حزتها وتبين رأس مالك فيها لكي يخبرك بما سيدفعه لك ربحا، ً ولذلك قال: ولا تكون المرابحة إلا بعد الملكية؛ لأنك ترابح في شيء قد ملكته، ولا ترابح في شيء ليس في ملكك. ...... الأسئلة ...... ضمان التصرف في المبيع المعيب بعد رده السؤال: في حديث المُصَرّاة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد المشتري المبيع وصاعاً من تمر، وذلك لمنفعته في الحليب؛ ولكن في كسر الجوز لم ينتفع المشتري فيه بشيء، فلماذا يرد أرش ما انكسر؟ أثابكم الله. الجواب: باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإنك حينما تلزم الإنسان بضمان شيء إنما هو مركب من الاعتداء ومركب من التصرف، بغض النظر عن كونه انتفع أو لم ينتفع، فلو أن إنساناً جاء وكسر زجاجاً للغير، ولم ينتفع بهذا الكسر، قلنا له: يدك كسرت فعليك أن تضمن لصاحب الحق حقه، ولو أنه أتلف طعاماً ولم يأكله، فإنه يجب عليه الضمان، وكأن الأمر مركب على كسر اليد، فلما اعتدت اليد، بغض النظر عن كونها ارتفقت أو لم ترتفق، أو قصدت الارتفاق أو لم تقصد، فقاعدة الضمان مطردة. وعليه فإننا نقول: يجب عليه الضمان ويلزمه أن يرد من هذا الوجه، وحديث الْمُصَرّاة مركب من هذا، فإنه احتلب الشاة وهذا الحدث كان من يده، سواء احتلب وشربه هو أو شربه غيره، أو حلب الحليب ثم أراقه فإن الحكم يلزمه، فكأن القضية مركبة من وجود الإتلاف ووجود التصرف، فعلى اليد ما أخذت حتى تؤدي. فلما أخذت شيئاً كاملاً وجب أن ترده

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير