تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كاملاً إن أمكن، وإن لم يمكن ردت ضمان ذلك الكامل، وهذا من عدل الله بين عباده، وقد بينا وجه ذلك، والله تعالى أعلم.

التراخي في رد المعيب وحق الأرش السؤال: بعد أن تقرر أن التراخي قد يسقط حق المشتري في الرد، فماذا عن حقه في الأرش، أثابكم الله؟ الجواب: بالنسبة لوجود العيب فمن حقه أن يطالب بالأرش، لكن الرد أهون من الأرش، فإبطال العقد الأول وفسخ العقد الأول ليس كاستدامة العقد وضمان النقص، وسكوته إن كان لا يدل على الرضا بالعيب على وجه الإسقاط للأرش والرد، فلا شك أن من حقه أن يطالب؛ لأن الأصل أن الشرع أثبت له حق المطالبة بصاع الْمُصَرّاة، كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة، فحينئذٍ نقول: من حقه أن يطالب بالأرش وضمان ما انتقص من قيمته، ويكون تراخيه إذا لم يفهم منه الرضا عن إسقاط الأرش غير موجب لإسقاط الحق الثابت بأصل الشرع، والله تعالى أعلم.

الضمان في التصرف في المبيع لأجل معرفته السؤال: بعض تجار العسل يبيعون العسل بداخل ما يسمى بـ (القدر)، ولا يظهر منه إلا واجهته، ولا يدرى ما بداخله، فما الحكم، أثابكم الله؟ الجواب: ليس العسل وحده، بل العسل والفواكه كلها تباع على هذا الوجه، فلو اشتريت من الفواكه الرمان، مع أنه كبير الحب كبير الجذر فإنك لا تستطيع إلا أن تنظر إلى واجهته، أو اشتريت الرطب فإنك لا تستطيع إلا أن تنظر إلى ظاهر الصندوق، فمن حقك من ناحية شرعية أن تقلب أعلاه وأسفله، لكنه لا يمكّنك من هذا. فلو أخذته وقلبته أمامه ووجدت فيه عيباً فمن حقك أن ترده، ولو أخذت الصندوق وقلبته فوجدت باطنه غير ظاهره فمن حقك أن ترده. فالعسل لو قال لك: لا تفتشه أو قال لك: هذا عسل جيد وممتاز ومن نوع كذا، فلما أخذته إلى البيت وفتحت قرطاسه أو وعاءه إذا به ليس من النوع الذي ذكر، فمن حقك أن ترده، ثم هذا الفتح إن كان مثله يضمن ضمن، وإن كان مثله لا يضمن لم يضمن. فمثلاً: القدر إذا فتح ليس فيه إخلال ولا ضرر، لكن لو كان العسل له وعاء معين لا يمكن فتحه إلا بالإتلاف، فحينئذٍ يضمن هذا الإتلاف الذي ذكرناه في جوز الهند، وهكذا بالنسبة لبيض النعام، لأنه أصل عند العلماء. فالمقصود: أن من حقك الرد، إن تبين أنه غير النوع الذي اشتريته، فمثلاً: قال لك: هذا عسل السدر، وتبين أنه ليس من عسل السدر، وإنما هو نوع آخر، أو قال لك: هذا الرمان من نوع كذا، وتبين أنه من نوع آخر، فمن حقك أن ترد متى اتضح وجود العيب ومخالفة الصفقة لما تم بين البائع والمشتري. وحينئذٍ فمسائل الضمان يفرع فيها على نفس التفريع الذي ذكرنا، فإن كان العسل في غلاف بحيث إذا فتح تضرر البائع بفتحه، كان من حقه أن يطالبه بأرشه، وإن كان لا يتضرر فإنه ليس من حقه أن يطالب بالأرش، لكن مسألة العسل من حقك أن تقلبه وتذوقه من باب العلم بما فيه، وذلك حتى ترتفع الجهالة ويطمئن إلى حقه، وليس من حق البائع أن يمنعه من ذلك، إنما من حقه أن يمنعه من وسيلة تضر بالعسل، أو تضر به هو. فمثلاً: لو أدخل يده، فيده قد تكون ملوثة تؤذي العسل، ولو جاء بملعقة كبيرة يريد أن يذوق العسل، فهذا يضر، فحق المشتري أن يفعل ما تستبين به حقيقة الصفقة، فلو باعه إليك مغلفاً، وقال لك: أضمن أنه من النوع الفلاني أو الصنف الفلاني، أو باعك الورد الطيب والمشهور مثلاً في أوعية من النحاس مغلفة مختومة لا تستطيع أن تعرف حقيقة هذا الورد إلا بفك الختم، فحينئذٍ تفك الختم، وإذا فككت الختم وشممت الورد، وتبين أنه فاسد أو تالف فلك أن ترده، فإذا كان هذا الختم ليس فكه ينقص العلبة نفسها أو يؤثر فيها، فليس من حقه أن يطالبك بالأرش، فعلبة الورد معروفة، وهذا الختم ليس له أي قيمة إنما هو من باب الاستيثاق أنه من المؤسسة ومن الشركة، لكنه لا يؤثر في ذات العلبة، فذات العلبة تقفل وتحكم الإقفال، كالقدر إذا رفع ثم غطي، فلا يعتبر هذا مما يوجب الضمان، لكن الذي يوجب الضمان الأشياء التي تستهلك وتستنفذ وتكون اليد متصرفة بالإضرار فيها، فتضمن بحقها وهو قدر الأرش، والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير