تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وربما دهوراً ثم يدفعها لك بعد ذلك، فأنت تستضر بهذا، لكن حينما يحجر عليه في ماله، ويحجر عليه في مبيعه، كما أضر بغيره أو أراد الإضرار بغيره، فإنه يسلم الحق ويندفع الضرر عن غيره. ولذلك لم يكن نص العلماء على الحجر من فراغ، وإنما نصوا عليه لوجود الاستحقاق، وهو استحقاق الأذى بالتضرر بالتأخر، وعلى هذا يشرع أن يحجر عليه كما يحجر على غيره. والحجر في اللغة: المنع، يقال: حجر عليه إذا منعه، ومنه قوله تعالى: وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا [الفرقان:22] حينما كانوا يجعلون بينهم وبين القرآن مانعاً من أن يستجيبوا له، وكذلك قوله تعالى: وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا [الفرقان:53] أي: حائلاً يحول بينهما، ويمنع من دخول أحدهما على الآخر، فالمقصود أن الحجر المنع. وأما في الاصطلاح: فهو منع نفوذ تصرف قولي لا فعلي في المال، وبعض العلماء يعرفه بتعريف أدق، ويقول: الحجر في الاصطلاح: المنع من التصرفات المالية، وهذا أنسب. قال رحمه الله: [وإن كان غائباً بعيداً عنها، والمشتري معسر، فللبائع الفسخ]: هذه كما ذكرنا يقال له: لك الفسخ، أي: أنت بالخيار إن شئت انتظرت وإن شئت فسخت البيع، فإن قال: أريد الفسخ، فحينئذٍ يفسخ، وإن قال: أنتظره فذلك به. فوجه إدخال هذه المسألة في باب الخيار، أنه يترك له الخيار إن شاء أن يمضي الصفقة وإن شاء ألغاها، والأمر إليه.

خيار الصفة قال رحمه الله: [ويثبت الخيار للخلف في الصفة، ولتغير ما تقدمت رؤيته]: هذه المسألة يقصد منها إثبات خيار الصفة، فيثبت الخيار لاختلاف الصفة، وهذا النوع الأخير يسمى خيار الاختلاف في الصفة، وبعض العلماء يسميه خيار الصفة، وهو أنسب. وخيار الصفة يقع في نوع خاص من البيوع، وهو الذي يسمى ببيع الغائب. وبيع الغائب: كأن تأتي إلى رجل ويقول لك: عندي أرض، أو عندي سيارة، أو عندي طعام، وهذه الأشياء غير موجودة في مجلس العقد، ومعنى ذلك أن البيع سيقوم بينك وبينه على الصفة، وأصح أقوال العلماء: أنه يصح بيع الغائب، وهو مذهب الجمهور من حيث الجملة. فإنه قد وقع بين عثمان وطلحة رضي الله عن الجميع، ولم ينكر عليهما أحد من الصحابة. فإذا باعك رجل شيئاً غائباً -كما يقع الآن في بيع المخططات- ووصفه لك بوصف معين، فيكون لك الخيار عند الرؤية فتنظر في هذا المبيع، فإن طابقت الصفة المبيع، لزمك البيع وإن اختلفت فأنت بالخيار بين الإمضاء وبين الإلغاء. إذاً: صورة المسألة تقع في بيع الغائب عند من يقول بصحة بيع الغائب، ولذلك فالذين لا يرون صحة بيع الغائب لا يقع عندهم خيار بيع الصفة، وهم الشافعية رحمهم الله ومن وافقهم. ويخالف الحنفية فيقولون: لك الخيار مطلقاً سواء اتفقت الصفة أو لم تتفق، وهذا ضعيف، والصحيح مذهب المالكية والحنابلة، أنه يلزمك البيع إن طابقت الصفة المبيع، ولا خيار لك. لكن لو جئت فوجدت الصفة مختلفة، فلك الخيار، إن شئت رضيت بالموجود، وإن شئت أبطلت البيع ورددت الثمن. ......

شرح زاد المستقنع - باب الخيار [9] ضبطت الشريعة العقود التي تقع بين الناس بضوابط دقيقة، تضمن دفع الضرر عن المتعاقدين، وتتلاءم مع مصلحة الطرفين. ومن ذلك ما حددته الشريعة من كون الضمان في عهدة البائع أو المشتري في عقد البيع، وذلك يختلف بحسب اختلاف المبيع واختلاف الحال، وفيه تفصيلات ذكرها غفر الله له موضحة ميسرة، كما ذكر حكم الإقالة وفضلها. الأشياء التي يحرم التصرف فيها قبل قبضها ومتى يحكم بصحة البيع ولزومه بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [فصل: ومن اشترى مكيلاً ونحوه صح ولزم بالعقد] والأصل في هذا حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام قبل قبضه)، وهذا النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل القبض، مبني على علل وأسباب دعت إليه، فإنك إذا اشتريت الأرز على أنه مائة صاع، وأخذته قبل أن تكتاله، ربما بان ناقصاً، فبعته للغير على أنه مائة وإذا به دون المائة، هذا وجه. وعند ابن عباس رضي الله عنهما: أن بيع الطعام قبل القبض فيه ذريعة إلى الربا؛ لأنه إذا لم يقبض الطعام فمعناه أنه قد باع ثمناً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير