تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بثمن متفاضل، فمثلاً: لو أن رجلاً اشترى الطعام بألف ريال، على أنه مائة صاع، ولم يكتل ولم يقبضه، ثم بعد ذلك باعه إلى رجل آخر، فمعناه أنه يبيع النقد الألف بألف ومائتين، أو يبيع الذي اشترى به وهو مائة ريال بمائة وخمسين، فيصير كأنه يبيع النقد بالنقد، فأصبحت عندنا علتان، العلة الأولى: ربما باعه فاختلفت صفته عن حقيقته. الثانية: أنه ذريعة إلى الربا، ثم هناك وجه ثان مبني على أصل شرعي، وهي قاعدة الضمان، حيث إن الضمان يفتقر إلى القبض، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (الخراج بالضمان) فجعل الربح على من يضمن الخسارة، ولا يمكن أن يضمن الإنسان إلا إذا دخل الشيء في حوزته وملكه، ومن هنا سنبحث في هذا الفصل مسألة: متى يجوز لك أن تبيع السلعة وتتصرف فيها؟ والمسألة التي معنا الآن: مسألة بيع الطعام قبل القبض، يقول رحمه الله: [ومن اشترى مكيلاً ونحوه صح ولزم بالعقد]. فعندنا أولاً: مسألة صحة البيع. ثانياً: لزوم البيع. ثالثاً: التصرف في المبيع. فهي ثلاث مسائل: فلو باع رجل داراً، أو باع طعاما، ً فإننا نحكم أولاً: أن البيع صحيح، ثم إذا حكمنا بصحته، نقول: يلزمك أن تدفع الطعام إلى الرجل أو تدفع الدار إلى الرجل، ونقول للمشتري: يلزمك أن تدفع الثمن للبائع، هذا بالنسبة للزوم. ثالثاً: متى يتصرف البائع في الثمن ومتى يتصرف المشتري متى يتصرف في المثمن؟ هذه هي المسألة التي يريد المصنف أن يقررها هنا. فأول ما تبحث في المسائل الفقهية إذا جاءك عقد بيوع، في القضاء أو في الفتوى أن تنظر أول ما تنظر هل البيع صحيح أم لا؟ وهذا يفتقر إلى أن تدرس شروط البيع، وقد بينا هذه الشروط وهي شروط الصحة. ثم إذا صح البيع، فهناك شيء يسمى اللزوم، واللازم: هو الذي لا ينفك عن الشيء، وقد يطلق لمعانٍ أخرى، مثل (لزاماً) بمعنى العذاب، وقيل: إنه عذاباً ملازماً: فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا [الفرقان:77] أي: عذاباً لا يفارقكم ولا ينقطع عنكم، فأصل الملازمة عدم المفارقة، وملازمة الشيء بالشيء، مصاحبته له على وجه لا يفارقه. وأنت تجد العلماء يقولون في العقود المالية، كالبيوع والإجارات والشركات: عقود صحيحة، وعقود لازمة، وعقود نافذة، وعقود موقوفة، وعقود باطلة. فإذا قالوا: عقد صحيح، فضده الفاسد والباطل، على تفصيل بين الجمهور والحنفية، فالصحيح هو الذي تترتب عليه الآثار المعتبرة شرعاً، فإن قلت: بيع صحيح فمعناه أنه تترتب عليه الآثار الشرعية المترتبة على كل بيع صحيح. وإن قلت: إجارة صحيحة، فمعناه أنها تترتب عليها جميع الآثار المترتبة على الإجارات الصحيحة، والصحيح لا يمكن أن تصححه إلا إذا وافق الشرع. وضد الصحيح: الباطل والفاسد، فيقال: هذا باطل أو فاسد، أي: لا يترتب عليه أثر، ويحكم بانفساخه، بمعنى أنك لا تملك العوض، فلو بعت سيارة بيعاً فاسداً بعشرة آلاف ريال، وقبضت العشرة آلاف ريال، فليس من حقك أن تتصرف في العشرة آلاف، وليس من حق المشتري الذي أخذ السيارة أن يتصرف في السيارة، بل يجب رد الثمن والمثمن، فلا تترتب الآثار الشرعية، إذا كان فاسداً. وهناك ما يسمى باللزوم، والإلزام، والعقد اللازم: هو الذي لا يملك أحد الطرفين فسخه دون الآخر، والبيع عقد لازم. والدليل على أن البيع عقد لازم: قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] دلت هذه الآية الكريمة على أنه إذا وقع العقد وهو الإيجاب والقبول، يجب الوفاء به، والبيع عقد. فـ (من باع مكيلاً ونحوه صح) أي: من باع شيئاً مكيلاً من الحلال الذي يباح بيعه كأرز وبر ودخن، وعدس ... ونحو ذلك مما يكال. ونحو المكيل: الموزون والمعدود والمذروع. والموزون هو الذي يكون بالجرامات، أو بالأطنان، مثل البرتقال والتفاح والموز، فهذا موزون بالجرام، فلو باع مثل هذه الموزونات صح. والمعدود مثل القطع التي تباع بأعدادها، كقطع (الأبلكاش)، والدواب، والسيارات، فهذه كلها معدودات تباع بالعدد، فتقول: أعطني سيارة .. سيارتين .. بعيراً .. بعيرين .. شاة .. شاتين، فهذه كلها مبيعات بالعدد، ولا تباع الشاة بالوزن، ولا يصح بيع الشياه بالوزن. وكذلك أيضاً إذا باعه بطيخاً فيمكن أن يباع عدداً، وممكن أن يباع وزنا، ً فيجتمع فيه الوصفان، وكذلك أيضاً: يكون البيع بالذرع، مثل القماش، فالقماش يباع بالعدد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير