تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويباع بالذرع، وإن كان الأصل فيه الذرع، فيقول: أبيعك متراً .. مترين .. يارداً .. ياردتي، ن أو مائة ياردة، فهذا كله بالذرع. وكذلك المخططات من الأراضي والعقارات، بالذرع، تقول: أبيعك (20×20) (30×30) ونحو ذلك، فهذا كله يباع بالذرع. إذاً: عندنا مبيع بكيل ووزن وذرع وعدد. فقال رحمه الله: [من باع مكيلاً ونحوه صح] لأن الشرع أذن بهذا كله، فقال الله: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ [البقرة:275] ولم يفرق بين بيع المكيل والموزون والمعدود والمذروع، فيصح بيع الكل؛ ولأنه ثبتت الأدلة بجوازها دون تفصيل وتفريق بينها. وقوله: (صح) هذا الحكم الأول، أي: إذا كان مستوفياً لشروط الصحة، بأن يكون عين المبيع مباحاً، ولا يكون عين المبيع محرماً كميتة وخنزير ودم ونحو ذلك. (ولزم بالعقد) أي: لزم الطرفين، واللازم -كما قلنا- هو الذي لا يملك أحد الطرفين فسخه دون الآخر. فعندنا إلزام، وعندنا تصرف. فإلزام الطرف يكون بالعقد، وهو الإيجاب والقبول، فلو قلت لك: بعتك بيتي الفلاني في المكان الفلاني بعشرة آلاف، فقلت: قبلت، فالإيجاب والقبول وقع، لكن الصيغة التي هي الإيجاب والقبول لا تكفي وحدها في البيع كما ذكرنا، بل يتوقف الأمر على الافتراق عن المجلس، فإذاً: صح العقد بشرطه، وهو الافتراق عن المجلس. فإذا قلت لك: بعتك بيتي بعشرة آلاف، وقلت: قبلت، فحينئذٍ يلزمك أن تدفع العشرة آلاف، ويلزمني أن أدفع البيت. وعلى هذا: (صح ولزم بالعقد)، فـ (الباء) سببية، أي: بسبب العقد، أو مصاحبة أي: لزم بمجرد انتهاء العقد، وهو الإيجاب والقبول. فإن الباء لها معانٍ منها: المصاحبة. ومنها السببية. فتقول: أتيت بمحمد، بمعنى: مصاحب له. تعدّ لصوقاً واستعن بتسبب وبدل صحاباً قابلوك بالاستعلا وزد بعضهم ظرفاً يميناً تحز معانيها كلها للباء اثنا عشر معنى، منها المصاحبة، فهنا لما قال: (صح ولزم بالعقد)، فالباء هنا للمصاحبة، أي: أن الإلزام مصاحب للعقد الصحيح في البيع فإذا صح عقد البيع، فإننا نقول: بالإلزام للطرفين. والالتزام هو المبني من الصيغة، فهناك فرق بين الإلزام والالتزام، فالإلزام يكون أثراً عن الإيجاب والقبول، والالتزام ينشأ أثناء الإيجاب والقبول. فالالتزام ينشأ من الطرفين، تقول: بعتك سيارتي بعشرة آلاف، أي: التزمت لك إن دفعت العشرة أن أعطيك السيارة، وأنت أيضاً تقول: قبلت، أي: التزمت أن أعطيك العشرة آلاف إن أعطيتني السيارة، فهذا يسمى التزاماً. وفرق بين الإلزام وبين الالتزام، فالإلزام يكون من الشرع، والالتزام يكون من الطرفين المكلفين، فهذه جهة المكلف وهذه جهة المشرع سبحانه وتعالى. قال رحمه الله: [ولم يصح تصرفه فيه حتى يقبضه]: عرفنا أن العقد صحيح، وبعد أن تثبت أن العقد صحيح تبني عليه أنه لزم الطرفين، فإذا لزم الطرفين، فهل حق المشتري أن يتصرف؟ فمثلاً: جاءني رجل وقال: عندي عمارة في موقع كذا وكذا، ووصفها لي وصفاً تاماً، وأعطيته الثمن، وذهبت ورأيت العمارة فأعجبتني، لكنه لم يعطني مفتاحها، ولم يسلمها لي تسليماً كاملاً، فحينئذٍ تم الإيجاب والقبول، واستلم مني المائة ألف أو المليون، ولكني لم أقبض العمارة إلى الآن، فهنا شيء يسمى القبض والاستيفاء، فالشريعة لا بد أن تبت في مسألة انتقال الملكية ومتى يحكم بانتقال الشيء إلى ذمتك وملكيتك؟ صحيح أنه بالعقد التزمت والتزم، وصار بينكما الإلزام، فقد يتوهم متوهم إنه بمجرد العقد يحصل التملك وتترتب على ذلك آثاره. وهذا غير صحيح. فلو أن رجلاً دخل البقالة، فرأى علبة من طعام (مربى) أو غيرها، فقال: بكم هذه؟ قال: بخمسة، قال: اشتريت، فأعطاه الخمسة، فلما أراد الرجل أن يأتي بالعلبة، وضع السُّلم فتحرك الرف فسقطت الزجاجة وانكسرت، فقال له: خذ زجاجتك المكسورة، قال: يا أخي! أنا لم أستلم، قال: لكنك قد اشتريت ودفعت الخمسة، والإيجاب والقبول يقتضي الملكية لك، فأنت الذي تملكها وأنا لا أملكها. فهنا مسألة وهي مسألة الاستيفاء ومتى نحكم بانتقال الشيء إلى ذمتك وعهدك، بحيث تتحمل المسئولية عنه، سواء كان في الأطعمة أو كان في العقارات أو المنقولات أو غيرها، وذلك ما يسمى بالقبض. فلا يحكم بتحملك للمسئولية في الشيء إلا بعد قبضه، كما أنه لا يجوز لك بيعه والتصرف فيه إلا بعد القبض، فهذه العمارة إذا أردت أن تبيعها لا بد أن تقبضها أولاً،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير