تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإعجاز العلمي .. بين العلم والجهل .. نعمة على من يحكّم عقله ونقمة على من يغلو فيه

ـ[بنت خير الأديان]ــــــــ[13 - 11 - 09, 04:08 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على خير خلق رب العالمين .. محمد صادق الوعد الأمين .. وعلى آله وصحبه الأطهار والتابعين .. صلاة وسلاما إلى يوم الدين

قد كثر الحديث عن الإعجاز العلمي في الزمن المعاصر وكثر التعمق فيه وتدارسه وانهالت عليه فئة من الناس فتعمقت في دراسته وأكثرت منه .. فخرجت ببعض الفوائد للأمة من تبصير وتنوير لها .. ولا يخفى أن بعضه كان شارحا لآيات قرآنية كثيرة ومبديا لمعجزات كثيرة ومظهرا لصدق الرسالة المحمدية

غير أن الغلو في هذا العلم أدى إلى أخطاء كثيرة بعضها يطعن في العقيدة والشريعة الإسلامية

وبعضها يمت عن جهل مستفحل فكان حجة علينا لا لنا

ومثل هذا قد كثر في الآونة الأخيرة ما دفعني إلى كتابة هذا البحث وما رأيته من استخفاف أهل الكفر بديننا بسبب هذا الأمر ألح علي أكثر وأكثر

وقد كان لبعض الإخوة جزاهم الله خيرا فضل علي في هذه المسألة إذ كانوا ممن يقفون معي وبعضهم طلب مني أن أزوده بكل ما يختص بهذا الموضوع فقلت أجمع قولي في بحث عسى أن ينتفع به

فأبدأ بعد البسملة فأقول:

إن ديننا دين اعتدال ووسطية مصداقا لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً ... } البقرة (143)

وما دام ديننا دين اعتدال فإنه إذا يرفض الغلو والتكلف في الأمور إذ لا شيء يعدل الوسطية

ولما خرجت لنا فئة من الناس تدعي العلم وهو منها بريء وتحدثت باسم الإسلام وهو منها أبرأ قد غلت وتعسفت في أمور دينية ودنيوية خلطت فيها كلاما صالحا وآخر فاسدا

والفاسد فيها أكثر من الصالح

كان الواجب علينا أن نحذر من هذا الكلام الذي قد جرف معه تيارا لا يستهان به من عامة الناس الذين ليس لهم كثير علم في أمور الدين

وإن مظاهر الغلو في الإعجاز العلمي قد كثرت في الآونة الأخيرة ويحسبها الناس تورعا وما هي بتورع

بل يشقون على أنفسهم ويكلفونها ما لا تطيق

وهم يحسبون أنهم على خير وما هم على ذلك

وميزاننا في ذلك شريعة الله تعالى ودينه

إذ ما من شيء إلا ويجب أن نعرضه على شريعة الله تعالى لنرى هل هو فيها مقبول أم متروك مرفوض

وكان من مظاهر هذا الغلو الآتي:

أولا: -

تلك الصور التي يظهر – أو يزوّر أحيانا – فيها لفظ الجلالة أو اسم النبي صلى الله عليه وسلم لتكون دليلا على صدق الدين الإسلامي وعلى صدق رسالة النبي صلى الله عيه وسلم

فأقول: إن ديننا قد اكتمل في حجة الوداع كما في سورة المائدة " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً "

وكل ابتداع فيه بعد ذلك دون دليل من الكتاب أو السنة فهو باطل مردود على صاحبه

وديننا لا يحتاج لمثل هذه الأشياء لإثبات مصداقيته ولو أن هذه الأشياء كانت مقياسا لمصداقية دين أو عدمها فقد طعنا في ديننا دون أن نعلم

فهذه الأشياء إنما هي أشياء عارضة تروح وتجيء بناء على قدر لها دون إرادة منها فلا تكون مقياسا لمصداقية دين أو عدمها

ولا يستدل في ديننا على صدقه إلا بالوحي إما عن طريق القرآن أو السنة إذ هو قطعي الثبوت وأما غيره من الاجتهادات أو الإعجازات فهي تحتمل الخطأ والصواب بخلاف الوحي الذي هو معصوم

وللتوضيح أكثر فلنضرب مثالا بصورة السحابة:

فالسحاب يتحرك ويتشكل بناء على حركة الرياح وليس له شكل محدد ولا حجم محدد فتراه مرة يتشكل على هيئة حيوان معين (بصورة تقريبية) وتارة على شكل حرف معين ولا يمنع أن يتشكل بشكل قريب من لفظ الجلالة

وكل هذا لا يمنع أن تصيبه الرياح من جهة معينة فيصبح قريبا من شكل الصليب فتقوم قائمة النصارى حينها فيقولون السحاب يشهد للنصرانية ..

فما رد المسلمين حينئذ , فإن احتجوا فسيقال أما كنتم آمنتم بلفظ الجلالة , ونحن نؤمن بصليبنا

فكان اعتماد المسلمين – عن جهل ساقط من بعضهم – على أدلة ركيكة وهي ليست بأدلة إنما التكلف والتعسف يدفعان المرء ليجعلها أدلة وما هي من قوة الحجة بشيء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير