تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أهم واجبات الصلاة في حق الرجال أداؤها في الجماعة؛ لأن ذلك من أعظم شعائر الإسلام، وقد أمر الله بذلك ورسوله، كما قال عز وجل: {وَأَقِيمُوا الصَّلَوةَ وَءَاتُوا الزَّكَوةَ وَاركَعُوا مَعَ الرَّ كِعِينَ} [البقرة: 43]، وقال سبحانه في صلاة الخوف: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلَوةَ فَلتَقُم طَائِفَة مِّنهُم مَّعَكَ وَليَأخُذُوا أَسلِحَتَهُم فَإِذَا سَجَدُوا فَليَكُونُوا مِن وَرَائِكُم وَلتَأتِ طَائِفَة أخرَى لَم يُصَلّوا فَليُصَلّوا مَعَكَ وَليَأخُذُوا حِذرَهُم وَأَسلِحَتَهُم} [النساء:102]. فأوجب الله سبحانه على المسلمين أداء الصلاة في الجماعة في حال الخوف، فيكون وجوبها عليهم في حال الأمن أشد وآكد. وتدل الآية المذكورة على وجوب الإعداد للعدو والحذر من مكائده.

فالإسلام دين العزة والكرامة والقوة والحذر والجهاد الصادق، كما أنه دين الرحمة والإحسان والأخلاق الكريمة والصفات الحميدة. ولما جمع سلفنا الصالح بين هذه الأمور مكن الله لهم في الأرض ورفع شأنهم، وملكهم رقاب أعدائهم، وجعل لهم السيادة والقيادة، فلما غير من بعدهم غير الله عليهم، كما قال عز وجل: {إنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا? مَا بِأَنفُسِهِم} [الرعد:11].

وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» [رواه البخاري في (الخصومات) باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت برقم (2420)، ومسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها برقم (651)، وأبو داود في (الصلاة) باب في التشديد في ترك الجماعة برقم (548) واللفظ له] وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر». [رواه ابن ماجه في (المساجد والجماعات) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة برقم (793)].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه رواه مسلم في (المساجد ومواضع الصلاة) باب يجب إتيان المسجد على من سمع النداء برقم (653). «أن رجلا أعمى قال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي، قال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب» خرجه مسلم في صحيحه.

أما النساء فصلاتهن في بيوتهن خير لهن، كما جاء بذلك الإخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ذاك إلا لأنهن عورة وفتنة، ولكن لا يمنعن من المساجد إذا طلبن ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله». [رواه البخاري في (الجمعة) باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل برقم (900)، ومسلم في (الصلاة) باب خروج النساء إلى المساجد برقم (442)] وقد دلت الآيات والأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنه يجب عليهن التستر والتحجب من الرجال، وترك إظهار الزينة، والحذر من التعطر حين خروجهن؛ لأن ذلك يسبب الفتنة بهن؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: رواه الإمام أحمد في (مسند المكثرين من الصحابة) باقي مسند أبي هريرة برقم (9362). «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن تفلات». ومعنى تفلات: أي لا رائحة لهن تفتن الناس وقال صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء» [رواه مسلم في (الصلاة) باب خروج النساء إلى المساجد برقم (444)]. وقالت عائشة رضي الله عنها: "لو علم النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء اليوم لمنعهن الخروج". فالواجب على النساء أن يتقين الله وأن يحذرن أسباب الفتنة من الزينة والطيب وإبراز بعض المحاسن، كالوجه واليدين والقدمين حين اجتماعهن بالرجال وخروجهن إلى الأسواق، وهكذا في وقت الطواف والسعي، وأشد من ذلك وأعظم في المنكر كشفهن الرءوس، ولبس الثياب القصيرة التي تقصر عن الذراع والساق؛ لأن ذلك من أعظم الفتنة بهن؛ ولهذا قال الله عز وجل: {وَقَرنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَهِلِيَّةِ الأولَى} [الأحزاب: 33]، والتبرج إظهار بعض محاسنهن. وقال عز وجل: {يَأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لِّأَزوَ جِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلَبِيبِهِنَّ}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير