تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هُوَ ?لَّذِى بَعَثَ فِى ?لأُمّيّينَ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءايَـ?تِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ ?لْكِتَـ?بَ وَ?لْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَلٍ مُّبِينٍ [الجمعة:2].

إن البرية يوم مبعث أحمدٍ نظر الإله لها فبدّل حالها

بل كرّم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها

لبس المرقّع وهو قائد أمةٍ جبت الكنوز فكسّرت أغلالها

لما رآها الله تمشي نحوه لا تنتظر إلا رضاه سعى لها

فأتى عليه الصلاة والسلام، فصعد على الصفا. ونادى العشائر والبطون، ثم قال لهم لما اجتمعوا: قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، فقامت دعوته على لا إله إلا الله، كما كانت دعوة الأنبياء من قبله: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَـ?هَ إِلاَّ أَنَاْ فَ?عْبُدُونِ [الأنبياء:25].

ومعنى لا إله إلا الله؛ لا معبود بحق إلا الله.

ومعنى لا إله إلا الله؛ لا مطلوب ولا مرغوب ولا مدعو إلا الله.

ومعنى لا إله إلا الله؛ أن تعيش عبداً لله، فتكون حياً بقوة لا إله إلا الله، وتموت على لا إله إلا الله، وتدخل الجنة على لا إله إلا الله.

ومعنى لا إله إلا الله؛ أن ترضى بالله رباً وإلهاً فتتحاكم إلى شريعته، ولا ترضى شريعة غيرها. فمن رضي غيرها شريعة. فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل الله منه صرفاً، ولا عدلاً، ولا كلاماً، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.

ومعنى لا إله إلا الله؛ أن ترضى برسول الله قدوةً، وإماماً، ومربياً، ومعلماً، فتجعله أسوة لك: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ?للَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو ?للَّهَ وَ?لْيَوْمَ ?لاْخِرَ وَذَكَرَ ?للَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21].

ومعنى لا إله إلا الله؛ أن ترضى بالإسلام ديناً، فإنك إن لم ترض به ديناً غضب الله عليك، وكشف عنك ستره، ولم يحفظك فيمن حفظ، ولا تولاك فيمن تولى.

جاء بها فأعلنها صريحة؛ أنه لا إله إلا الله، فاستجاب له من أراد الله رفع درجته، وصمّ عنها من أراد الله عذابه في الدنيا والآخرة.

إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـ?هَ إِلاَّ ?للَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ [الصافات:35]. استجاب له أصحابه الأبرار، وأحبابه الأطهار، فقتلوا بين يديه.

يأتي عبد الله بن عمرو الأنصاري يوم أحد فيعلم أنه لا إله إلا الله، ويفيض حباً للا إله إلا الله، ويرفع طرفه قبل المعركة ويقول: اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى [1].

فيقتل، ويقطع، يقول جابر بن عبد الله عن أبيه: لما كان يوم أحد جيء بأبي مٌسجيّ، وقد مثل به، فأردت أن أرفع الثوب، فنهاني قومي، فرفعه رسول الله، أو أمر به فرفع، فسمع صوت باكية أو صائحةٍ، فقال: ((من هذه؟) فقالوا: بنت عمرو، أو أخت عمرو، فقال: ((ولم تبكي؟ فما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتى رُفع)).

وفي رواية قال جابر: فجعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي، وجعلوا ينهونني، ورسول الله، لا ينهاني، قال: وجعلت فاطمة بنت عمرو تبكيه. فقال رسول الله: ((تبكيه أو لا تبكيه، ما زالت الملائكة تظلّه بأجنحتها حتى رفعتموه)) [2].

فجعل الله روحه، وأرواح إخوانه، في حواصل طير خضر ترد الجنة، فتأكل من أشجارها، وتشرب من أنهارها، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

أي أمةٍ كنا، وأي أمة أصبحنا!! وأي أمة سوف نكون!!.

الله أكبر كبيراً .. والحمد لله كثيراً .. وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.

عباد الله، يا من لبس الجديد، يا من اغتسل بالماء البارد، يا من أتيتم إلى هذا المصلّى، هل ذكرتم من صلى معكم في العام الماضي من الآباء والأجداد، من الأحباب والأولاد؟ أين ذهبوا؟ كيف اختطفهم هادم اللذات؟ آخذ البنين والبنات، مفرق الجماعات.

أسكتهم فما نطقوا، وأرداهم فما تكلموا، والله لقد وُسدوا التراب، وفارقوا الأحباب، وابتعدوا عن الأصحاب، فهم من الحفر المظلمة مرتهنون بأعمالهم، كأنهم ما ضحكوا مع من ضحك، ولا أكلوا مع من أكل، ولا شربوا مع من شرب.

اختلف على وجوههم الدود، وضاقت عليهم ظلمة اللحود، وفارقوا كل مرغوب ومطلوب، وما بقيت معهم إلا الأعمال.

فهل ذكر ذاكر ذاك القدوم؟ وهل أعدّ لذاك المصير؟ وهل أعد العدة لذلك الموقف الخطير؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير