عباد الله، أوصيكم بالتوبة النصوح، وبالاستغفار من الذنوب والخطايا، يقول سبحانه وتعالى: قُلْ ي?عِبَادِىَ ?لَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى? أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ?للَّهِ إِنَّ ?للَّهَ يَغْفِرُ ?لذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ?لْغَفُورُ ?لرَّحِيمُ [الزمر:53]. ويقول جل ذكره: وَ?لَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـ?حِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ?للَّهَ فَ?سْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ?لذُّنُوبَ إِلاَّ ?للَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى? مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ وَجَنَّـ?تٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ?لأنْهَـ?رُ خَـ?لِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ ?لْعَـ?مِلِينَ [آل عمران:135، 136].
عباد الله، إن من المعاصي التي انتشرت بصورة كبيرة في أوساط الشباب وغيرهم؛ جريمة تعاطي المخدرات، وما انتشرت هذه الجريمة إلا بسبب البعد عن الله وعن كتابه وسنة رسوله فامتلأت السجون بالشباب، لأنهم تركوا طريق المسجد، وتركوا تلاوة القرآن، وتركوا حلقات العلم، فابتلوا بهذه الخبيثة: فَلَمَّا زَاغُواْ أَزَاغَ ?للَّهُ قُلُوبَهُمْ وَ?للَّهُ لاَ يَهْدِى ?لْقَوْمَ ?لْفَـ?سِقِينَ [الصف:5].
ومن المعاصي كذلك تلك المجلات الخليعة، التي أظهرت المرأة معبوداً وصنماً فافتتن بها شباب الإسلام، زنت أبصارهم قبل فروجهم، فجعلوا الصورة الخليعة ـ إلا من رحم الله ـ معبودهم، فأخذهم الهوى، وأصابهم الوله، وضلوا بالعشق، لأن قلوبهم لم تمتلئ بذكر الله، ولم تعمر بلا إله إلا الله.
ومن المعاصي كذلك ـ عباد الله ـ ذلك الغناء والموسيقى الذي ملأ البيوت ـ إلا بيوت من رحم الله ـ من أصوات المغنين والمغنيات، والماجنين والماجنات، الأحياء منهم والأموات، وهذه معصية ظاهرة حورب الله بها تبارك وتعالى.
فالله الله في التوبة النصوح، وفي العودة إلى الواحد الأحد سبحانه وتعالى.
الله أكبر كبيراً .. والحمد لله كثيراً .. وسبحان الله بكرةً وأصيلاً.
العيد يا عباد الله معناه كما سلف؛ العودة إلى الله، ثم العودة إلى كتابه ثم العودة إلى سنة رسوله.
العيد يا عباد الله ليس بصف الموائد الشهية، ولا بركوب المراكب الوطية ولا بسكنى الفلل البهية.
العيد لمن خاف يوم الوعيد. العيد لمن استعد للعرض على الرب سبحانه وتعالى، العيد لمن اتقى الله في السر والعلن.
العيد لمن استعرض صحيفته فاستغفر من السيئات، وسأل الله التوفيق للأعمال الصالحات.
العيد لمن وصل ما بينه وبين الله، وما بينه وبين العباد، العيد لمن عمر بيته بالقرآن، وأخرج آلات اللهو ومغريات الشيطان.
العيد لمن أقام في بيته منهج القرآن، العيد لمن ضوع منزله بالأذكار الحسان.
إذا ما كنت لي عيداً فما أصنع بالعيد!!
جرى حبك في قلبي كجري الماء في العود
الله أكبر كبيراً .. والحمد لله كثيراً .. وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
عباد الله، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله .. الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وحجة الله على الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
عباد الله:
كان من هدي المصطفى في العيدين؛ أنه كان يؤخر صلاة عيد الفطر، ويعجل الأضحى، وكان يخرج في الأضحى قبل أن يأكل شيئاً، بخلاف عيد الفطر فإنه كان يأكل تمرات كما أخبر أنس عنه. وفي رواية: يأكلهن وتراً [1].
وكان يخرج لابساً أحسن ملابسه، متطيباً بالمسك، يمشي بسكينة ووقار، يكبر ربه ـ تبارك وتعالى ـ.
وكان عليه الصلاة والسلام يخرج للعيد من طريق ويعود من طريق آخر.
قال جابر بن عبد الله: كان النبي إذا كان يوم عيد خالف الطريق [2]. وذكر العلماء لذلك حكماً جليلة.
منها: إظهار قوة الإسلام والمسلمين في كل مكان.
ومنها: أنك تمر على أكبر عدد من المسلمين فتسلم عليهم.
ومنها: إغاظة أعداء الإسلام.
ومنها: قضاء حوائج من له حاجة من المسلمين.
ومنها: أن يشهد لك الحفظة والملائكة الذين يقفون على الطرق.
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر.
لا إله إلا الله .. والله أكبر.
الله أكبر .. ولله الحمد.
¥