تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن مما يؤسف له اليوم ـ يا عباد الله ـ أن نرى كثيرين من المتسمين بالإسلام لا يعيشونه واقعًا عمليًا، يفرِّطون في أركان الإسلام، ويهملون شرائعَ الدين، يقعون في كثير من المحظورات، فيأكلون أموال الناس بالباطل، ويميلون في حياتهم إلى اللهو وارتكاب المآثم، ويستجيبون لداعي النفس الأمارة بالسوء، إلا من رحم الله.

فاتقوا الله أيها المسلمون، واحذروا الوقوع فيما يبعدكم عن حقيقة دينكم ويوردكم حمأة المآثم والمعاصي، احذروا الزنا فإن فيه ست خصال، ثلاثًا في الدنيا، وثلاثًا في الآخرة، فأما التي في الدنيا فذهاب بهاء الوجه وقصر العمر ودوام الفقر، وأما التي في الآخرة فسخط الله تبارك وتعالى وسوء الحساب والعذاب بالنار.

عباد الله، إن في طيب المكسب وصلاح المال سلامة الدين وصون العرض، فلا تأكل إلا حلالاً، ولا تنفق مالك إلا في حلال، قال بعض السلف: "لو قمت في العبادة قيام السارية ما نفعك حتى تنظر ما يدخل إلى جوفك". أكل الحرام يعمي البصيرة وينزع البركة ويجلب الفرقة والشحناء ويحجب الدعاء، ولتكن النفوس بالحلال سخية، فاحذروا الربا، واسمعوا ما جاء في الحديث: ((الربا ثلاثة وسبعون بابًا، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه)) رواه الحاكم وله شواهد. فهل يرضى أحد منكم أن يزني بأمه؟! إنه لا أحد يرضى بذلك، نعوذ بالله من ذلك. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أنه لم يرد في شيء من المعاصي مثل ما ورد في الوعيد على الربا ما عدا الشرك بالله عز وجل.

أدوا الناس حقوقهم يا عباد الله، فكل إنسان عليه حق لأحد يجب عليه أن يؤدي حقه، فكثير من الناس اليوم يكون عليهم مطالب للناس، إما قروض أو ثمن مبيعات أو أجرة مستأجرات أو غير ذلك، ومع هذا يماطلون بحقوقهم مع أنهم قادرون على الوفاء، والنبي يقول: ((مطل الغني ظلم) أي: أن الإنسان إذا مطل غيره بأن منعه حقه مع قدرته على الوفاء فإن ذلك ظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة، وكل ساعة تمضى عليك وأنت في مماطلتك بالحق الذي يجب عليك دفعه فإنك لا تزداد إلا إثمًا، ولا من الله إلا بعدًا.

اجتنبوا الرشوة والزور والغش والخديعة، وإياكم وأكل مال الناس بالباطل، كاغتصاب أو سرقة أو غيره، أقول: السرقة لأنها انتشرت هذه الأيام من سطو على المحلات التجارية والمنازل والمزارع تحت جنح الظلام، نسأل الله أن يفضحهم وأن يكفي المسلمين شرهم.

احذروا الغيبة والنميمة والبهتان والحقد والشحناء والحسد والبغضاء، تحلوا بالصدق والصبر والأمانة والوفاء وحسن التعامل فيما بينكم. احذروا المخدرات والمسكرات والملهيات، واحفظوا جوارحكم في هذا اليوم وغيره، احفظوا أسماعكم وأبصاركم وألسنتكم وبطونكم وفروجكم وأيديكم وأرجلكم أن تمتد إلى الحرام وتلتبس به وتتلطخ بسوئه، وقوموا بما أوجب الله عليكم نحو أهليكم وأولادكم ونسائكم، فمروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر، واحفظوهم عن المحرمات، وأبعدوهم عن المنكرات ووسائلها، وربوهم تربية إسلامية، ووجهوهم وجهة صالحة.

واتقوا الله في الشباب والشابات يا معشر أولياء الأمور، ويا عقلاء الحي، ويا دعاة الإصلاح، فإن الراغب في النكاح اليوم ليتحمل آصارًا وأثقالاً بسبب إعراض المسلمين عن سنة سيد المرسلين في تخفيف صدقات النساء وتكاليف الزواج.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون، رحم الإنسان هم أولى الناس بالرعاية وأحقهم بالعناية وأجدرهم بالإكرام والحماية، صِلتُهم مثراة في المال ومنسأة في الأثر وبركة في الأرزاق وتوفيق في الحياة وعمارة للديار، يقول النبي: ((من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أجله فليصل رحمه)) رواه البخاري.

أيها المسلمون، وفي الصحيحين عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجل قال: يا رسول الله، أخبرني بما يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال النبي: ((لقد وفق)) أو قال: ((لقد هُدي، كيف قلت؟)) فأعادها الرجل، فقال النبي: ((تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل ذا رحمك) فلما أدبر قال النبي: ((إن تمسك بما أمرته به دخل الجنة)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير