تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عباد الله، إنه ما من أمة تركت إنكار المنكر إلا سلط الله عليها صنوفًا من العذاب والذل والمهانة الذي لا يرفعه عنها حتى تراجع دينها، ولقد أصبحنا نرى المنكرات وقد أخرجت رأسها، وقل أن نرى من ينكرها ويحتسب عند الله تعالى، فأصبحنا نرى النساء يعملن في المستشفيات بل وفي بعض الشركات سافرات متبرجات يختلطن بالرجال ويعملن معهم، وأصبحت البنوك الربوية تعلن صراحة عن قروضها الشخصية الربوية في كل مكان بدون وجل ولا خجل، وصارت الدشوش في كل بيت تقريبًا، وكَثُرَت محلات بيع الأغاني والأفلام، وكلها أمور محرمة، أدت إلى انتشار الزنا واللواط والعنف والجريمة بين الشباب خاصة وبين الناس عامة، وكل ذلك بسبب تركنا إنكار المنكر، حتى كاد المنكر أن يدخل بيوتنا، ولقد تهددنا نبينا فقال: ((مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجيب لكم))، وكم ندعو الله تعالى أن يفرج هم المسلمين وأن ينصرنا على أعدائنا وأن يصلح ذريتنا وأن يسقينا الغيث، ولكن الدعاء محجوب لا يرفع إلى السماء بسبب تركنا إنكار المنكرات، ولقد بشر نبينا الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بأن من أمته من يُعطى مثل أجور الصحابة وذلك بإنكارهم المنكر، فهل ننكر المنكر في أسواقنا وبيوت معارفنا وفي كل مكان نمر به كي يرفع الله عنا سخطه؟

عباد الله، يجب أن لا تنسينا فرحتنا بالعيد واجبات فرضها الله تعالى وحدودًا حدها الله تعالى، فما ينبغي للمسلم أن يترك الصلاة مع الجماعة وهو يعلم أن الله هو الذي أوجبها عليه، ولا يجوز ما يفعله الكثيرون من اختلاط النساء بالرجال غير المحارم في الزيارات للمعايدة أو لتناول الطعام، ولا ينبغي إهدار الأموال وحرقها تحت مسمى الفرح واللعب، فكم من أموال ترمى في الملاهي وتحرق في المفرقعات النارية وإخواننا في الشيشان يبادون ويشردون ويضطهدون، وهم يستغيثون بإخوانهم المسلمين، ولكن لا حياة لمن ينادون، لأننا مشغولون بشهواتنا وملذاتنا وبجمع المال من أجلها، وأهملنا الجهاد ونصرة المسلمين، فهل نظن أن الله لن يسألنا عن هذه الأموال من أين اكتسبناها وفيم أنفقناها؟!

إن الكثيرين منا قد عششت الأحقاد والضغائن في قلبه، وفرخت قطيعةً للرحم وتعاسةً ونكدًا، أفلم يأن لقلوبنا أن تصفح وتسامح وتغفر؟! أليس الوقت مناسبًا لوصل ما انقطع من أرحام وإصلاح ما فسد من وشائج الصداقات والقربى؟! فلنغتنم فرصة العيد ولنكن نحن أول من يبدأ بالسلام، لعل الله أن يدخلنا جنته بهذا العمل الصالح.

يا معشر المؤمنات، ما قيل للرجال يقال لكن، لأنكن شقائق الرجال كما أخبر نبينا، فاشكرن نعمة الله عليكن بالقلب واللسان والجوارح، واحمدن الله تعالى على نعمة الأمن والعافية، فقد عافانا من فيضانات أصابت غيرنا، ومن تشريد وتقتيل قد وقع واستحر بإخواننا في الشيشان وكشمير وفلسطين، وعليكن بإنكار المنكر في الأسواق والمستشفيات والأفراح والمدارس، فالمرأة تستطيع الإنكار على النساء أفضل من الرجال. وعليك ـ يا أمة الله ـ أن تتأكدي من أداء زوجك وأبنائك الصلاة في المسجد حيث أمر الله تعالى، واجتهدي في تطهير بيتك من وسائل الإفساد كالدش وآلات اللهو والمعازف، فإن هذا أهم بكثير من محافظتك على صحة أولادك ودراستهم، إذ ليس بعد مصيبة الدين مصيبة، وتأكدي من إخراج التماثيل والتصاوير من بيتك، وعدم وجودها على ملابس أبنائك، لأن الشياطين تحل في المكان الذي لا توجد فيه الملائكة. وعليك ـ أيتها المؤمنة ـ بالإكثار من سماع الأشرطة الإسلامية وقراءة الكتيبات التي تزيد في إيمانك وترسخ عقيدتك وتكون لك حصنًا حصينًا من شبهات العلمانيين ودعاة التحرر من الإسلام.

اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وتولنا برعايتك ولا تحرمنا، اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم لا تجعل لنا في مقامنا هذا ذنبًا إلا غفرته، ولا دينًا إلا قضيته، ولا همًا إلا نفسته، ولا كربًا إلا فرجته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا مريضًا إلا شفيته، ولا ميتًا إلا رحمته، ولا أسيرًا إلا فككت أسره، ولا مظلومًا إلا نصرته، ولا ظالمًا إلا دحرته وقصمته.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[18 - 11 - 09, 02:51 ص]ـ

الخطبة الأولى

أما بعد:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير