ومن سُنَن الأضحية أن يتولّى المضحِّي الذبحَ بنفسه لمن كان يُحسنُه؛ لأنَّ النبيَّ نحر ثلاثًا وستين بدنةً بيده الشريفة، ثم أعطى عليًّا رضي الله عنه فنحَر ما غبر [6]، كما جاء ذلك في صحيح الخبر [7]. وقد ضحّى النبي بكبشين أملحَين أقرنين، ذبحهما بيده وسمّى وكبّر [8].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
ومِن السنّة ـ يا عبادَ الله ـ أن لا يُعطَى جازرها أجرَتَه منها.
ومن السنّة أن يأكلَ منها ثُلثًا، ويهدي ثلثًا، ويتصدّق بثلث، لقول الله عز وجل: فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ?لْقَـ?نِعَ وَ?لْمُعْتَرَّ كَذ?لِكَ سَخَّرْنَـ?هَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الحج:36].
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا.
أمّةَ الإسلام، حجَّاجَ بيت الله الحرام، اشكُروا الله على ما هداكم للإسلام، فلقد كان الناسُ قبل انبلاج فجرِ الإسلام ببعثةِ خير الأنام عليه الصلاة والسلام في جهالةٍ حالِكة وضلالات هالكة، يئدون البنات، ويعبدون الحجارةَ كاللاّت والعزى ومناة، يتطيّرون ويتكهّنون، ويتعلّقون بالأوهامِ والخرافات، ويأتون الفواحشَ والمحرّمات، كانوا في ظلامٍ بهيم دامسٍ وكُفرٍ لحقيقةِ الحياة طامِس، إلى أن أضاءَ الكون بشمس الرسالة المحمّدية على صاحبها أزكى صلاة وأفضل سلام وتحيّة، فأخرجَتِ الناسَ من الظلمات إلى النور، وانتشلتهم من جَور الأديان إلى عدل ورحمةِ الإسلام، كِتَابٌ أَنزَلْنَـ?هُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ?لنَّاسَ مِنَ ?لظُّلُمَـ?تِ إِلَى ?لنُّورِ بِإِذْنِ رَبّهِمْ إِلَى? صِرَاطِ ?لْعَزِيزِ ?لْحَمِيدِ [إبراهيم:1].
وكان أساسُ الأسُس وأصلُ الأصول في دعوتِه عليه الصلاة والسلام وركيزة مرتكزاتها ورُكن أركانها الدعوة إلى توحيد الله عزّ وجلّ وإفراده بالعبادة ونبذ كلّ ما سواه، تحقيقًا لقوله سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ ?لْجِنَّ وَ?لإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
ولهذا المقصد الأجلّ ـ يا عبادَ الله ـ أرسِلت الرسل وأُنزلت الكتب، يقول سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَـ?هَ إِلاَّ أَنَاْ فَ?عْبُدُونِ [الأنبياء:25]، ويحذّر سبحانه خاتمَ أنبيائه من معرّة الشرك بقوله: وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى ?لَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ?لْخَـ?سِرِينَ [الزمر:65]. ويدلّ ذلك أجلى دلالة على خطورة الشرك على الملّة والأمّة ووجوب الحذر من شَوب التوحيد بما ينقضه أو ينقصُه، يقول الحقّ تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى للَّهِ رَبّ ?لْعَـ?لَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ [الأنعام:162، 163]، وفي التنديدِ والتشنيع على من حادّ الله بالإشراك به يقول تعالى: قُلِ ?دْعُواْ ?لَّذِينَ زَعَمْتُم مّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ?لضُّرّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً [الإسراء:56].
إنّ التوحيدَ الخالصَ لله هو الذي أطلَق العقولَ من أغلال الخرافة، وحرّرها من قيود الذلّ إلا لله والاستعانة إلا بالله، وإنّ العقيدة الصحيحةَ الخالصة من كلّ شوبٍ وكدر هي التي خرّجت أجيالاً من الأمّة غيّرت مجرى التأريخ، ولألأت وجهَ العالم، وتألّقت بها أبهى وأزهى حضارةٍ عرفتها البشريّة، وبها قُهِرت الشدائد العاتية والجيوشُ الغاشمة ضدّ الملّة والإنسانية، وهي بلا مِراء أساس القوّة والعِزّة التي يجب أن يستعصمَ بها كلّ مسلم صادقِ الإيمان في كلّ زمان ومكان.
فلِواحدٍ كن واحدًا في واحدي أعني سبيلَ الحقّ والإيمان [9]
إخوةَ العقيدة، وما يبدئ الموحّد الغيورُ ويعيد في قضيّة العقيدة والتوحيد إلا لأنّه حقّ الله على العبيد، وما كان حقًّا لله جل وعلا طاب ذكرُه في الأفواه وحلا، حُنَفَاء للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِ?للَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ?لسَّمَاء فَتَخْطَفُهُ ?لطَّيْرُ أَوْ تَهْوِى بِهِ ?لرّيحُ فِى مَكَانٍ سَحِيقٍ [الحج:31].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
¥