فيا مَن تشهدون هذه العبادةَ العظيمة، يا مَن تتصعَّد مِن أحنائكم الزَّفرات وتلجؤون إلى الرحمن بأحرِّ الدعوات وتسكبون العَبَرات الذارفات، اذكُروا إخوانًا لكم مفزَّعين ملتاعِين في فلسطين وفي بلادِ الرافدَين وفي كلّ مكان، ادعوا الله أن يكشفَ عنهم الهمومَ والغموم، وأن ينصرَهم على كلّ باغٍ ظلوم ومعتدٍ غشوم، عَسَى ?للَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ وَ?للَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً [النساء:84].
بهذه المكائدِ الزُّيوف برح الخفاء، وبانتِ الدعاوى الجوفاء، وأيقن الغيورون على أوضاعِ أمّتهم أنَّ الهيئات العالميةَ التي تتعلَّل فيما يَمسّ قضايا المسلمين بالعُلالاتِ الواهية لن تجمعَ متفرِّقًا، ولن تكُفَّ معتدِيًا غاشمًا، وأنَّ المنظّمات الدولية التي تماطل قضايانا لن تؤمِّن خائفًا، ولن تنصُر مظلومًا، مما يؤكِّد الحاجةَ لمتابعةِ الدعوة إلى إنشاءِ محكمة عدلٍ إسلاميّة عالميّة، حتى لا تختلّ الموازين التي ينبغِي أن تحكمَ التعامُل بين الشعوب والأمَم.
إنّه لن يصلحَ حالُنا إلاّ باتحادِنا وتآلفنا وتوجُّهنا شطرَ الكتاب والسنة، وإن دهاقنةَ السياسة العالمية ووسائل الإسلام الغربية مطالبة أن تفهمَ الإسلامَ على حقيقته، وأن تحذرَ من ربطِ الإرهاب بالإسلام دينِ الحقّ والخير والعدل والسلام، وأن تحذرَ من إلصاقِ تهمة الإرهاب بالمسلمين.
لقد آن الأوانُ لكي تخرجَ الأمّةُ من نفَق التحدّيات وبُؤَر العقبات والأزمات، أن تضطلعَ بمشروعٍ إسلاميّ حضاريٍّ يضع الخطَطَ والبرامِج والاستراتيجيات المهمّة والآلياتِ العمليّة والخطُوات التنفيذيّة الجادّة لكافّة قضايا أمّتنا والمستجدّات والتحدّيات السياسية والاقتصادية والثقافيّة والفكرية والأمنية والتربويّة والإعلامية، ووضعِ برامجَ توعويّة بشتَّى اللغات تعالجُ الجهلَ بقواعدِ الاعتدالِ والوسطيّة والتخلُّص من الآراء الآحادية والاجتهاداتِ الفرديّة والفتاوَى التحريضيّة التي تنطلِق مِن كهوفٍ ومَغارات، ويبثُّها مجاهيلُ نكِرات، لا سيّما في القضايا المصيريّة، وذلك بوضعِ ميثاقٍ علميّ عالمي عالٍ للإفتاء، يحقِّق المرجعيّة المعتبَرة للفتوَى في النوازل والمستجدّات المعاصِرة، تحقيقًا للمصالح وتكمِيلها، ودرءًا للمفاسد وتقليلها، وإنَّ من فضل الله وكريم ألطافه أن ضمنَ المستقبلَ المشرِقَ لهذه الأمّة، فلا مكانَ لليأس والقنوط، ولا مجالَ للتخاذل والإحباط، بل جدٌّ وعمل وتفاؤل وانطلاق واستشرافٌ لآفاق مستقبلٍ أفضل، صلاحًا وإصلاحًا، ولن يصلُح أمرُ آخر هذه الأمّة إلا بما صلح به أوّلها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَعَدَ ?للَّهُ ?لَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ ?لصَّـ?لِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِى ?لأرْضِ كَمَا ?سْتَخْلَفَ ?لَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ?لَّذِى ?رْتَضَى? لَهُمْ وَلَيُبَدّلَنَّهُمْ مّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِى لاَ يُشْرِكُونَ بِى شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذ?لِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ ?لْفَـ?سِقُونَ [النور:55].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
نسأل الله أن يُصلحَ أحوالَ المسلمين في كلّ مكان، وأن يهيّئ لهم من أمرهم رشَدًا بمنّه وكرمه، إنه خير مسؤول وأكرم مأمول.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافّة المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه كان للأوابين غفورًا.
الخطبة الثانية
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الحمد لله الملكِ القدّوس السلام، أكملَ لنا الدينَ وأتمَّ علينا الإنعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، شرع الشرائع وأحكمَ الأحكام، وأصلّي وأسلِّم على نبينا محمّد بن عبد الله سيّد الثقلين وأزكى الأنام، انجابت بنور رسالته حنادِس الظلام، وعلى آله البرَرة الكرام، وصحبه الهُداة الأعلام، فُرسان الوغى وليوث الآجام، ومن تبع آثارهم بالحقّ واستقام، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
¥