تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمّا بعد: فاتقوا الله عبادَ الله، اتقوا الله يا حجّاجَ بيت الله، فمن اتَّقى الله فهو المرحوم، ومن حُرِمها فهو المحروم، واعلموا أنّ التقوى سببُ القَبول وخير مطيّة لتحقيق الخير المأمول، إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ?للَّهُ مِنَ ?لْمُتَّقِينَ [المائدة:27].

أيها المسلمون، إنَّ من مقاصد الإسلام الساميَة تهذيبَ النفوس من الشحِّ والأثرةِ، والإحسانَ للفقراء والمحتاجين والملهوفين والمنكوبين، يقول جل وعلا: وَأَحْسِنُواْ إِنَّ ?للَّهَ يُحِبُّ ?لْمُحْسِنِينَ [البقرة:195]، ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ((من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل)) [1].

وهذه السَّجيّة المنبثِقةُ من سماحةِ الإسلام وجوهره تأسو الجراح وتداوي الكُلومَ وتخفِّف البأساء وتدفع البلاء والضرَّاء، ولا غِنى عنها لأيّ مجتمعٍ ينشُد المحبَّة والوِئام، ولن يتنكَّر لذوي الحاجات والعاهات والفاقات والزمنَى والمعوِزين إلاّ غلاظُ الأكباد وقساةُ القلوبِ عياذًا بالله، وشريعتُنا الرحيمة حذّرت من ذلك أيّما تحذير.

إنّ الأعمالَ الخيريّة والإغاثية بصنوفها المتعدّدة جزءٌ لا يتجزّأ من منظومةِ شريعتِنا الغرّاء وحضارتنا المشرِقة اللألاء، هي الكفُّ الندِيّ والبلسَم الشفيّ وطوقُ النجاة للمجتمعات والملتقَى الإنسانيّ للحضارات، ومَن ينتسبُ إليها يسمو سماءَ المجدّ شرفًا، قد تخلَّى عن الذات، وتجاوز المصالحَ والأنانيّات، عاش شمعةً مضيئة، يبذل الخيرَ للغير، وإذا طُوي بساطُها وأفَلت نجومُها وعُطِّلت قوافِلها حلّت في المجتمعاتِ الكوارثُ والنكبات، وانتشر الفقرُ والعَوَز، واستشرت البَطالة، ولا غروَ أن تجدَ نماذجَ مضيئةً مشرقَة تنطلقَ من ثوابتِ بلادِ الحرمين الشريفين حرسها الله ونسيجِها المتميِّز، فلها القِدح المعلَّى والدورُ الرائدُ المجلَّى في ذلك كلِّه، وما هي إلاّ شكرٌ للمنعِم على إنعامه، وآيةٌ ساطِعة على كَرَم أبنائها وزكاءِ أَرُومتهم ونُبل معدنهم ومحبَّتهم للخير وتفانيهم فيه بحمد الله، ولن يقبضَ أياديَها البيضاءَ في إسداءِ البرِّ والإحسان وبذلِ النَّدى والمعروف وإغاثة الملهوف ولو في أقاصي المعمورة ـ كما هو واقعُ الحالِ بحمد الله ـ تخذيلُ الشانئين وحملاتُ المغرضين ومحترفي الإساءة للبرآء الخيّرين، ممّا يؤكِّد وجوبَ التصدِّي الحاسم والوقوف الحازم، وذو الفَضلِ لا يسلَم من قَدح وإن غدا أقومَ مِن قِدح، والله المستعان.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أمةَ التعليم والتربية، مناهجُنا مبَاهِجُنا، هي التي تمثِّل مِحورَ الثمرةِ التعليميّة والتربويّة، وفي ضوئها تتكوّن مداركُ الأجيال واتجاهاتُهم، وبها تُعلَّق الآمال في الإصلاح العقديّ والفكريّ والاجتماعي، وهي ولا ريب من الأهميّة بمكانٍ في الدلالة على رقيِّ الأمّة أو انحدارها. ولئن حدّقنا في مضامينِ تلك المناهج ومعانيها وحلَّقنا فوقَ مفرداتها ومبانيها ألفيناها بحمد الله ومنّه قائمةً على الكتاب والسنّة، مستوحاةً من هدي سلفنا الصالح، مواكبةً لتمدُّن العصرِ وتطوُّرِه، في غيرِ تبعيّة أو ذَيليّة، تقتبِس مِن علوم الحضارةِ المعاصرة ما تؤيّدُه شريعتُنا، وتنبذُ ما سواه. وأمّا الافتراءاتُ التي ألحِقَت بها وحامت حولها فهي أوهى من أن تُتَعقَّب أو تُنقَض، وتحويرُ المناهج وتنقيحُها مما يقتضيه توثُّب العصر ورُقيُّه، وقد درَجت على ذلك الأمَم قديمًا وحديثًا، ولسنا بِدعًا في هذا المرتَقى، فلتقرَّ أعينُ الذين يدوكون ويخوضون فيها بعِلم أو بغير علم أنها بأيدٍ أمينةٍ بإذن الله، مخلِصةٍ لديها وأمَّتها، ولكنَّ المهمَّ في ذلك الإيصاءُ بالحرص على عدَم التعرُّضِ لجوهر العقيدة، والحذَر من المساس بالثوابتِ والأصول، والعناية بتأهيل المعلِّمين والمعلِّمات الذين يتحمَّلون أمانةَ التربية والتعليم، ليكونوا قدوةً لطلاّبهم قولاً وعملاً، داخلَ حصونِ التعليم وخارجَها، وأن يُتحرَّى منهم مَن كان على حظٍّ وافر من الدين والنُّضج العقليّ والجانب الخُلقيّ والسّلوكي.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير