للإسلام في وسائل الإسلام العالمية، والنماذجُ الواقعيّة المتميّزة تبعثُ بحمد الله على التفاؤل والاستبشار.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
معاشرَ المسلمين، شريعتُنا الغرّاء كانت ولا تزال الحفيّةَ بالمرأة، الحارسةَ لكرامَتها وعِرضها، الراعيةَ لحقوقها ومكانتها، أمًّا كانت أو بنتًا، زوجةً أو أختًا. والإسلام هو الذي شرَع السُّبُل الكفيلةَ لتحصين شخصيتها ضدَّ كلِّ ما يهدِّد مقوّماتِها من الامتهان والابتذال، خصوصًا في هذا العصر حيثُ سعيرُ المغريات والشهوات واشتدادُ الهجمة على أخواتنا المحصَنات المؤمنات، وقد بات من البدَهيّات أنَّ الذين ينتقصون الإسلامَ من خِلال ما يتظاهرون به من الدفاع عن حقوقِ المرأة وقضاياها إنما يصدُرون عن فيَضان مشاعرَ مسعورة وأهواء جامحة تريد من المرأة المصونَة أن تكون أداةً طيِّعةً في التقليد والإغراء، وليس وراءَ تلك الدعوات اعتبارٌ لدينٍ أو خُلق أو فضيلة أو رغبةٌ في إنصاف المرأة، وإلا كيف يقبل العقل أن يكون الوقارُ والحِشمَة والحياء في قفَص الاتهام والتنديد والجفاء، والسفورُ والتبرّج مبرّآن من كلّ نقيصةٍ ووصمة؟!
انظروا ـ يا رعاكم الله ـ إلى مكانة المرأة في الحضارات الغربية، فإنها كانت ولا تزالُ معدودةً مسلاةً لتَرَف الرجُل وبذخِه الغريزيّ والجنسيّ، ومظهرًا لا بدّ منه للبريق الحضاريّ. وبرهانٌ آخر يتجلّى في المنادين والمناديات بالحريّات عمومًا وبحريّة المرأة خصوصًا، أين هؤلاء عن نزعِ حجابها عنوةً في بعض المجتمعات التي يُزعَم أنها مضربُ المثل في صيانةِ الحريات ومراعاة حقوق الإنسان؟!
إنَّ الإسلام حين شرع الحجابَ ولزومَ الحياءِ والقرار إنما يصرف المرأةَ إلى خصائصِها ومكانتِها التي لا يُحسِنها سواها، ويراعي ظروفَها وأنوثَتها، لتمضيَ مع الرجل جنبًا إلى جنب في هذا الكون بنظام محكمٍ بديع من اللطيف الخبير، لكلٍّ مقامُه ووظيفته، أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ?للَّطِيفُ ?لْخَبِيرُ [الملك:14]، قُلْ ءأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ?للَّهُ [البقرة:140].
وللواهمين والواهماتِ يُساق القول: إنَّ المرأةَ في مكانتها السَّنيَّة وبالتزام آداب الحجابِ الشرعية والضوابط المرعيّة لا يمنعها ذلك أن تكونَ في قمّة الحضارةِ والرقيّ وإحراز السَّبق العليّ والتقدّم الاجتماعي والنهوض بأمّتها والانتصار لدينها، وإن اضطُرَّت إلى العمَل الوظيفيّ أو المهنيّ ففي منأًى عن أنظار الرجال والاختلاطِ بهم، وأن لا تكون بَرزَةً تنازعهم أقدامَهم وتزاحمهم مناكبَهم، حين ذاك يغيضُ ماؤها ويذهب بهاؤها، فالحذرَ الحذر من كلّ دعوةٍ نشاز تريد أن تهبطَ بالمرأة من سماء مجدِها وأن تنزلها من علياء كرامتها وإن بدَت بزخرف القول ومعسول الكلام ودعوى التقدُّميَّة الزائفة والمدنية المزعومة والحرية المأفونة.
وإنّنا إذ نحمد الله سبحانه على ما امتنّ به على فتاةِ الحرمين الشريفين من تمثُّل الحجاب والوقار والحشمة لنذكِّرها بالمحافظة على مكانتها الشمّاء بين قريناتها في سَائر المجتمعات، ونحذِّرها في الوقتِ نفسه أن تُخدَع ببعضِ الأصواتِ النّشاز التي تتبجّح بالخروج على شِرعة الحشمة والهدى والمعروف والحياء، وإنّ ما تلوّح به تلك الأصوات المبحوحة إنما هو مسلكُ المنهزمين والمنهزمات أمام بريق الحضارة الزائفة، والله عزّ وجلّ يقول: ي?أَيُّهَا ?لنَّبِىُّ قُل لأزْو?جِكَ وَبَنَـ?تِكَ وَنِسَاء ?لْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـ?بِيبِهِنَّ ذ?لِكَ أَدْنَى? أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ?للَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا [الأحزاب:59].
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أيّها الحجّاج الكرام، إخوةَ الإسلام، رحِم الله أمرأً شهِد هذه المشاهدَ بجوارحه وقلبه، وندم على آثامه وذنبه، وتاب وأناب في هذه العَرصات إلى ربّه، وأقام الفرائض والسّنَن، واستمع القولَ فاتبَع أحسنه.
فتمسّكوا ـ عبادَ الله ـ بكتاب الله، وتفكَّروا في آياتِه ومعانيه، وامتثِلوا أوامرَه ونواهيه، اقتدوا بنبيكم، وتمسَّكوا بسنّته.
اللهَ اللهَ في الصلاةِ مع الجماعةِ، فإنها نعمتِ الطاعة والبضاعَة، ومُروا بالمعروف أمرًا رفيقًا، وانهوا عن المنكر نهيًا حليمًا حكيمًا رقيقًا، فالحِسبة قِوام الدين، وبها نالت الأمّة الخيرية على العالمين، هي صمام الأمان في الأمة، فكونوا لها أوفياء، وبأهلها أحفياء، حتى لا تغرقَ سفينة الأمة.
احفَظوا أقدارَ العلماء، وصونوا أعراضَ أهلِ الحسبة والدعاة الفُضَلاء، أطيعوا أمرَ من ولاّه الله من أموركم أمرًا، وحذار أن تقربوا من الفتنة شرَرًا ولا جمرًا، ولا تقحِموا في الخلافِ المعتبر إلا العلماء الثقات، لا زيدًا ولا عمرًا.
عليكم بالصدق والوفاء بالعهد والأمانة والحشمة والصيانة وبرِّ الوالدين وصلةِ الأرحام، تراحموا، تلاحموا، تسامحوا، وكونوا عبادَ الله إخوانًا. احذَروا الغشّ وقولَ الزور والكذب والخيانةَ، ولا تقرَبوا الزنا، واحذروا الربَا والرشوةَ، واجتنبوا المسكِرات والمخدّرات، فإنها من الكبائرِ وسببُ البلايا والجرائر، وإياكم والنميمةَ والغيبةَ والظلم والبهتان والشائعات والتساهلَ في حقوق العباد، فإنها مجلبةٌ لغَضَب الجبار والذلّةِ والصغار وحَطِّ الأقدار، بل هي الآثام والأوزار، أجارنا الله وإياكم من ذلك كلِّه.
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
اللهمّ إنَّ السرورَ بك هو السرور، والفرحَ بغيرك هو الغرور، اللهمّ بابَ فضلك نقرع، وإليك نلجأ ونفزع، وبأسمائك الحسنى نلهَج، وبصفاتك العلا نبهَج، اللهمّ فأعزّ الإسلام والمسلمين، اللهمّ فأعزّ الإسلام والمسلمين، اللهمّ أعزّ الإسلام والمسلمين، وأعلِ بفضلك كلمةَ الحقّ والدين، وأذلَّ الشرك والمشركين، وسلِّم الحجاج والمعتمرين، ودمّر أعداءَ الملّة والدين، اللهمّ عليك بالطغاة والملحدين والصهاينة المعتدين وكلّ أعداء الإسلام والمسلمين ...
¥