تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عباد الله، أيام قلائل وتودعون عامًا وستستقبل الأمة الإسلامية عامًا جديدا، إنها تمر الشهور بعد الشهور والأعوام بعد الأعوام ونحن في سباق غافلون، إنه عام سيطوى سجله ويختم أعماله، فهنيئًا لمن أحسن فيه واستقام، وويل لمن أساء وارتكب الإجرام، فهلم نتساءل عن هذا العام: كيف قضيناه؟ ولنفتش كتاب أعمالنا: كيف أمليناه؟ فإن كان خيرًا حمدنا الله وشكرناه، وإن كان شرًا تبنا إلى الله واستغفرناه.

كم يتمنى المرء تمام شهره وهو يعلم أن ذلك ينقص من عمره، وإنها مراحل يقطعها من سفره، وصفحات يطويها من دفتره، وخطوات يمشيها إلى قبره، فهل يفرح بذلك إلا من استعد للقدوم على ربه بامتثال أمره؟! تجدد عامًا بعد عام، فأنتم تودعون عامًا شهيدًا عليكم وتستقبلون عامًا جديدًا مقبلاً إليكم، فبماذا تودعون هذا العام وتستقبلون العام الجديد؟! فليقف كل منا مع نفسه محاسبًا، محاسبًا نفسه عن فرائض الإسلام وأدائها، عن حقوق المخلوقين والتخلص منها، عن أمواله التي جمعها من أين جاءت وكيف ينفقها، حاسبوا أنفسكم يا عباد الله، فأنتم اليوم أقدر على العلاج منكم غدًا، فإنكم لا تدرون ما يأتي بعد الغد، حاسبوها في ختام عامكم وفي جميع أيامكم، فإنها خزائنكم التي تحفظ لكم أعمالكم، وعما قريب تفتح لكم فترون ما أودعتم فيها.

روي أن رسول الله خطب فقال: ((أيها الناس، إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، وإن المؤمنين بين مخافتين: أجلٍ قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وأجل قد بقى لا يدري ما الله قاض فيه)).

فليأخذ العبد من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، ومن الشبيبة قبل الهرم، ومن الحياة قبل الموت. فلنتذكر ـ يا عباد الله ـ بانقضاء العام انقضاء العمر، وبسرعة مرور الأيام قرب الموت، وبتغير الأحوال زوال الدنيا وحلول الآخرة، فكم وُلد في هذا العام من مولود، وكم مات فيه من حي، وكم استغنى فيه من فقير وافتقر من غني، وكم عز فيه من ذليل وذل فيه من عزيز. فاتقوا الله عباد الله، واستدركوا ما فات بالتوبة، فأيامكم معدودة، وإقامتكم في هذه الدنيا محدودة، وأعمالكم مشهودة.

أيها المؤمنون، تذكروا بهذا الاجتماع اجتماعكم يوم العرض على الله يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية، في ذلك الموقف ينقسم الناس إلى فريقين: فريق في الجنة وفريق في السعير، فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:88 - 96].

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِ الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج:34 - 37].

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير