الحمد لله معيد الجمع والأعياد، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد. أحمده سبحانه وأشكره على ترادف مننه وتكاثر نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الإله الحق المبين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، شرع الشرائع وسن الأعياد وقرر الملة وأشاد. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله حق تقاته، واعبدوه حق عبادته، واعلموا أن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.
عباد الله، عليكم بوصية رسول الله وهو يجود بنفسه: ((الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم)) حتى يفيض بها لسانه، ذلك لأن الصلاة عمود الإسلام وثاني أركانه، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ [الروم:31]، وأدوا زكاة أموالكم، وحجوا بيت الله الحرام، واحذروا الشرك فإنه محبط للأعمال، وإياكم وعقوق الوالدين فإنه من كبائر الذنوب، وإياكم والربا حيث حذركم ربكم منه والتعامل به.
عباد الله، عليكم بالتخلق بأخلاق القرآن والتأدب بآداب سيد الأنام، حسنوا أخلاقكم مع إخوانكم المؤمنين، مع أقاربكم وجيرانكم، فما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق، حسنوا أخلاقكم مع أهليكم وأزواجكم، فقد قال النبي: ((أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا، وخياركم خياركم لنسائهم)).
أيتها المرأة المسلمة، اتقي الله، وحافظي على ما أوجب الله عليك في دينك وأمانتك وما استرعاك الله عليه، مري أبنائكِ بالصلاة وعوديهم على الطاعات وعلى الصدقة والأمانة ومكارم الأخلاق، حذريهم من الكذب والغيبة والنميمة وبذاءة اللسان، حافظِي على كرامتك وعرضك، لا تزاحمي الرجال في الأسواق والمتاجر والمجتمعات.
أيها المؤمنون والمؤمنات، إن الله أوجب على الأمة الإسلامية التعاون على البر والتقوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتناصح فيما بيننا واجب لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. وإن الفساد ـ يا عباد الله ـ إذا انتشر في الأمة عمّ المسيء وغيره وحلت العقوبة في الأمة كلها، وإن من أسوأ الأمور التي عمّ بها البلاء في كثير من بلاد الإسلام ما جلبه أعداء المسلمين لتمزيق شملهم وتفكيك أُسرهم وإفساد دينهم وابتزاز أموالهم وقتل مروءتهم والفتك بأجسادهم وأرواحهم، إنها المخدرات بجميع أنواعها وأشكالها والخمور وسائر المحرمات التي أفسدت الأخلاق وشتت الأسر ونكدت على الآباء والأمهات، من جراء فساد أخلاق أبنائهم وتباعدهم عن دينهم وعن أهليهم والتفافهم على أصحاب الشر والفساد وجلساء السوء.
فيا عباد الله، إنه يجب علينا جميعًا محاربة هذه الأمور وإنكارها والتحذير منها وإشاعة ضررها وتبليغ المسؤولين عن أمن هذه البلاد عما يعلمه كل فرد من المروجين والمتعاطين لها لقمع الفساد والمفسدين، فإن هذا من التعاون المطلوب من كل مسلم، ومن واجب كل مؤمن حماية لنفسه ولأبناء جنسه وقيامًا لواجبه ونصحًا لدينة وأمته، مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، وصلوا أرحامكم، ولا تقربوا الزنا فقد نهى الله من الاقتراب منه.
عباد الله، عظموا شعائر الله وتعاليمه ودينه، وتسامحوا وانبذوا الخصام، وأكرموا المساكين والأيتام، وإياكم والظلم فإنه ظُلمات يوم القيامة، وإياكم وقول الزور والغيبة والنميمة والحسد فإنها تسخط الله تعالى، واعملوا على ما يرضيه.
فاتقوا الله عباد الله، وصلوا على رسول الله خير البرية أجمعين ورسول رب العالمين، نبي الهدى والرسول المجتبى، امتثالاً لقول الرب تعالى في قوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار، وصحابته المهاجرين منهم والأنصار، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين والأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعملون: أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن العشرة المفضلين، وأهل بدر والعقبة، وعن أصحاب الشجرة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
¥