تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر المجاهدين في سبيلك الذين يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا في كل مكان يا رب العالمين ...

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[18 - 11 - 09, 03:06 ص]ـ

الخطبة الأولى

أمّا بعد: أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى حق التقوى، فإن التقوى هي زمام الأمور، وهي وقاية للإنسان من الوقوع في المهالك والشرور، هي سبيل النجاة من النار دار الخزي والعار دار الجحيم والبوار, هي تكفير للسيئات ورفع للدرجات ومرضاة لمالك الأرض والسماوات، قال الله سبحانه في كتابه الفرقان: يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الأنفال:29].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

عباد الله، اشكروا الله جل وعلا أن بلّغكم هذا اليوم العظيم وهذا الموسم الكريم، واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن يومكم هذا يوم مبارك، رفع الله قدره، وأعلى ذكره، وسماه يوم الحج الأكبر، وجعله عيدًا للمسلمين حجاجًا ومقيمين، فيه ينتظم عقد الحجيج على صعيد منى بعد أن وقفوا بعرفة وباتوا بمزدلفة، في هذا اليوم المبارك يتقرب المسلمون إلى ربهم بذبح ضحاياهم اتباعًا لسنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وقد أمر الله خليله بذبح ابنه وفلذة كبده فامتثل وسلّم، ولكن الله سبحانه بفضله ورحمته افتداه بذبح عظيم، فكانت ملة إبراهيمية جارية وسنة محمدية سارية عملها المصطفى ورغّب فيها، في الصحيحين أنه ضحّى بكبشين أقرنين أملحين ذبحهما بيده وسمّى وكبر.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد

أيها المسلمون، إن العيد من شعائر الإسلام العظيمة الظاهرة، والعيد يتضمن معاني سامية جليلة ومقاصد عظيمة فضيلة وحِكمًا بديعة، فنحن نعيش الآن الساعات الأولى من يوم عيد النحر المبارك، يوم العيد الأكبر، الذي يلتقي فيه المسلمون على صعيد الحب والإخاء، يتبادلون أحاديث الود والصفاء، فتقوى صلاتهم وتتوثق أخوتهم، فيحمدون الله عز وجل على نعمة الشريعة الإسلامية التي جمعتهم برباطها، وألفت بين قلوبهم، وشدت بعضهم إلى بعض بعرى العقيدة والإيمان، فأصبح مثلهم في المودة والتراحم كمثل الجسد الواحد والبنيان المرصوص، فالتواصل بين المسلمين والتزاور وتقارب القلوب وارتفاع الوحشة وانطفاء نار الأحقاد والضغائن والحسد، فهذه حكمة من حكم العيد ومنافعه العظمى، فاقتدار الإسلام على جمع المسلمين في مكان واحد لأداء صلاة العيد آية على اقتداره على أن يجمعهم على الحق، ويؤلف بين قلوبهم على التقوى، فلا شيء يؤلف بين المسلمين سوى الحق؛ لأنه واحد، ولا يفرق بين القلوب إلا الأهواء لكثرتها، فالتراحم والتعاون والتعاطف صفة المؤمنين فيما بينهم، كما روى البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).

والمحبة بين المسلمين والتواد غاية عظمى من غايات الإسلام، فجاهد نفسك ـ أيها المسلم ـ لتكون سليمَ الصدر للمسلمين، فسلامة الصدر نعيم الدنيا وراحة البدن ورضوان الله في الأخرى. فاجعل نفسك ممن يستحق التهنئة بفرحة هذا العيد السعيد، وإن من يستحق التّهنِئَةَ بالعيد الموسِر الذي يزرَع البسمةَ على شِفاه المحتاجين، والشَّفيقُ الذي يعطِف على الأرامِلِ واليتامى والمساكين، والصحيحُ الذي يتفقَّد المرضى والمقعَدين، والطّليق الذي يرعَى السجناءَ والمأسورين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير