تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيا أخي، إن كنتَ تحِبّ نجاتَك وترجو سعادتك فأطِب كسبَك ونقِّ مالَك وتخلَّص من حقوق غيرك، فرسول الله يقول: ((من كانت عندَه مظلمةٌ لأخيه من مالٍ أو عِرض فليأته فليستَحلِله من قبلِ أن يؤخَذَ منه وليسَ ثَمّ دينارٌ ولا دِرهم، فإن كانَت له حسناتٌ أخِذَ من حسناتِه لصاحِبِه، وإلاّ أخِذ من سيّئات صاحبه فطُرِحت عليه فطرِح في النار)) رواه البخاريّ. فما موقِفُك ـ يا عبد الله ـ من الأموالِ العامّة التي لك النفوذ فيها؟! هل اتقيتَ الله فيها ووضعتَ كلَّ شيء موضعَه، أم غلَلت ونهبتَ وتلاعبتَ؟! والله يقول: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161].

احذر ـ يا عبد الله ـ مماطلة الناس حقوقهم، لقد انتشر في الآونة الأخيرة بين كثير من المقترضين والمستدينين ظاهرة عدم وفاء القرض أو وفاء الدين، فتجد الشخص يأتي إلى أخيه في بداية الأمر ليطلب منه سلفةً نقدية أو سلعة يشتريها بالدَّين، ويظهِر له حسنَ النية بكلام معسول وعبارات مُنَمَّقَة، وأنه سيسدّده في الوقت الذي يحدّده المقرِض، وهو في الحقيقة يضمر خلافَ ذلك، ثم يأخذ المال وتمر عليه شهورٌ وربما سنوات دون أن يعتذِر منه، أو يطلب فسحة في الأجل، وهذا ليس من خلق المسلم، وليس من الأدب الإسلامي في شيء، فإن ديننا يحثّ على رد الجميل والمكافأة للمعروف بمثله أو أحسن منه والدعاء لصاحبه، وقال: ((خير الناس أحسنهم قضاء)) متفق عليه، وأن لا ينوي استغلاله ومماطلته وأكل ماله، فإنه إن نوى ذلك فقد عرض نفسه للعقوبة، قال رسول الله: ((من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله)) رواه البخاري. فعلى المسلم أن يتقي الله تعالى في ذلك، ويخشى عقوبته ووعيده الذي أخبر به، وليبادر إلى رد القرض وأداء الدين عند حلوله دون تسويف أو مماطلة.

ما موقفك وحالُك من المسؤوليّة التي أُنيطَت بك؟! هل أدّيتَها حقَّ الأداء وأدّيت الأمانةَ فيها بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى؟! ما هي معاملاتك؟! تفكَّر فيها وتدبَّر، والتَزمِ الشرعَ، فالله سائِلُك عن مالك: من أين أتاك؟ وفيم أنفَقتَه؟

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

معاشرَ المؤمنين، إنَّ المسلمين اليومَ تتقاذفُ بهم أمواجُ الفتَن، وتحيطُ بهم أسبابُ التفرُّق والشرور والإحن، يسعى الأعداءُ لتفريق صفوفهم، ويبذُلون كلَّ جهدٍ لبذرِ أسبابِ العداء بين أبنائهم، يفرَحون بخرقِ صفِّ المسلمين وتفريق كلِمتهم، ويسعَدون ببثِّ روح التباغُض في مجتمعاتهم وفُشوِّ الكراهيَّة بين شبابهم. وحينئذٍ فما أحوجَ المسلمين اليومَ للالتزام بالمنهجِ الذي تصفو به قلوبُهم، وتسلَم معه صدورُهم، وتُنشَر من خلاله مبادئُ المحبَّة والوئام في مجتمعاتهم، فاحذَروا دعاةَ السوء والفساد وإن تظاهروا بالإصلاح، فالله يعلم إنهم مفسِدون، إنهم يسعَونَ في الأرض فسادًا، ولا يريدون لكم خيرًا ولا صلاحًا. فاتَّقوا الله في أنفسكم، واحذروا الدعاياتِ المضلِّلة والإعلامَ الجائِر الذي يحاوِل أن يصوِّرَ أنّه مصلِحٌ وأنّه ينصَح ويوجِّه، والله يعلم أنه مفسِد وأنّ هدفَه السوء، ولكن كما قال الله: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ [فاطر: 43].

واعلموا أن لكم أعداء ـ يا أمة الإسلام ـ يعملون ويخططون ليل نهار، ويحبّون إشعالَ الفتن واستطار شرِّها، يحبون ذلك ويكرَهون للأمة أن تعيشَ في أمنٍ واستقرار وراحةِ بال، لا يرضيهم ذلك بل يحبّون أن تكونَ بلادُ الإسلام دائمًا بلادَ فِتَن واضطراباتٍ وانقسامات، فهم يُذكون كلَّ بلاء، ويشعِلون النزاعَ الطائفي والنزاعَ القَبلي إلى غير ذلك مِن كلّ ما يمكِنهم من تفريقِ الأمّةِ وضربِ بعضِها ببعض. وإعلانهم المعادي للإسلام وأهله وأعمالهم المشينة الخطيرة من تكفيرٍ وتفجير وتبديعٍ وتضليلٍ وإحداثِ فوضى في الأمّة وراءَها أعداءُ الإسلام، يذكون نارَها، وإنَّ أهلَ هذه البلادِ ـ بلادِ الحرمين ـ وهم يعيشون نِعَمًا عُظمى وخيراتٍ جُلَّى فهم محسودُون من أعداء الإسلام والمسلمين، لذا حَريٌّ بأهلها وحريٌّ بأهل الإسلام في كلِّ مكان الاجتماعُ على السنّة والهدى والتعاونُ على البرّ والتقوى، وواجبٌ على المسلمين في هذه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير