تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الآل والصحب الكرام وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[18 - 11 - 09, 03:13 ص]ـ

الخطبة الأولى

أَمَّا بَعدُ: فَإِنَّ اللهَ الذِي خَلَقَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ وَهُوَ أَعلَمُ بما يُصلِحُ شُؤُونَهُم وَتَستَقِيمُ به أَحوَالُهُم قَد أَمَرَهُم وَأَوصَاهُم وَحَذَّرَهُم وَنَهَاهُم، أَوصَاهُم بِوَصَايَا جَامِعَةٍ وَأَمَرَهُم بِأَوَامِرَ نَافِعَةٍ، لَوِ امتَثَلُوهَا وَاتَّبَعُوهَا لَنَالُوا خَيرَيِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَحَذَّرَهُم مِن سَبَبِ كُلِّ بَلاءٍ، وَنَهَاهُم عَن مَنشَأِ كُلِّ دَاءٍ، ممَّا لَوِ اجتَنَبُوهُ وَتَجَافَوا عَنهُ وَهَجَرُوهُ لَسَعِدُوا في دُنيَاهُم وَفَازُوا في أُخرَاهُم، قَالَ سُبحَانَهُ: وَللهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرضِ وَلَقَد وَصَّينَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلِكُم وَإِيَّاكُم أَنِ اتَّقُوا اللهَ وَإِن تَكفُرُوا فَإِنَّ للهِ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا في الأَرضِ وَكَانَ اللهُ غَنِيًّا حَمِيدًا. مَا في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ مِن خَيرٍ وَلا صَلاحٍ وَلا مَتَاعٍ حَسَنٍ وَلا أَمنٍ ولا سَعَةٍ إِلاَّ وَطَرِيقُهَا التَّقوَى وَالإِيمَانُ وَسَبِيلُهَا الطَّاعَةُ وَالعَمَلُ الصَّالحُ، وَمَا فِيهِمَا مِن شَرٍّ وَلا فَسَادٍ وَلا بَلاءٍ وَلا فِتنَةٍ وَلا خَوفٍ ولا ضِيقٍ إِلاَّ وَسَبَبُهَا الكُفرُ فَمَا دُونَهُ مِنَ المَعَاصِي وَالذُّنُوبِ، وَمَا أَنعَمَ اللهُ عَلَى قَومٍ نِعمَةً فَنَزَعَهَا مِنهُم وَغَيَّرَهَا عَلَيهِم إِلاَّ بِكُفرِهِم نِعمَةَ رَبِّهِم وَجُحُودِهِم فَضلَهُ وَفُسُوقِهِم عَن أَمرِهِ وَتَكذِيبِهِم رُسُلَهُ وَنَقضِهِم العَهدَ مَعَهُ وَتَغيِيرِهِم مَا بِأَنفُسِهِم، وَمَا عَادَ إِلَيهِم مَا نُزِعَ عَنهُم إِلاَّ بِتَوبَةٍ صَادِقَةٍ وَرُجُوعٍ حَقِيقِيٍّ، قَالَ تَعَالى: وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ لم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَهَا عَلَى قَومٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِم وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، وَقَالَ تَعَالى: وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَت أَيدِيكُم وَيَعفُو عَن كَثِيرٍ، وَقَالَ سُبحَانَهُ: وَإِذَا أَرَدنَا أَن نُّهلِكَ قَريَةً أَمَرنَا مُترَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرنَاهَا تَدمِيرًا، وَقَالَ تَعَالى: وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَريَةً كَانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتِيهَا رِزقُهَا رَغَدًا مِن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوفِ بما كَانُوا يَصنَعُونَ، وَقَالَ سُبحَانَهُ: وَأَنِ استَغفِرُوا رَبَّكُم ثُمَّ تُوبُوا إِلَيهِ يُمَتِّعْكُم مَتَاعًا حَسَنًا إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤتِ كُلَّ ذِي فَضلٍ فَضلَهُ وَإِن تَوَلَّوا فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيكُم عَذَابَ يَومٍ كَبِيرٍ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا عَن يُونُسَ عَلَيهِ السَّلامُ: فَالتَقَمَهُ الحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَولا أَنَّهُ كَانَ مِنَ المُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ في بَطنِهِ إِلى يَومِ يُبعَثُونَ، وَقَالَ تَعَالى عَن قَومِهِ: فَلَولاَ كَانَت قَريَةٌ آمَنَت فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَومَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفنَا عَنهُم عَذَابَ الخِزيِ في الحَيَاةَ الدُّنيَا وَمَتَّعنَاهُم إِلى حِينٍ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير