تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نَعَمْ أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ مَا أَصَابَنَا وَيُصِيبُنَا مِن تَغَيُّرٍ وَفَسَادٍ وَمَا يَتَوَالى عَلَينَا مِن مِحَنٍ وَابتِلاءَاتٍ إِنَّمَا هُوَ تَذكِيرٌ لَنَا لِنَتَنَبَّهَ وَنَرجِعَ وَنَتُوبَ، قَالَ جَلَّ وَعَلا: وَبَلَونَاهُم بِالحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ، وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ظَهَرَ الفَسَادُ في البَرِّ وَالبَحرِ بِمَا كَسَبَت أَيدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ، وَقَالَ تَعَالى: وَلَنُذِيقَنَّهُم مِنَ العَذَابِ الأَدنى دُونَ العَذَابِ الأَكبَرِ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ، وَقَالَ سُبحَانَهُ: وَلَقَد أَهلَكنَا مَا حَولَكُم مِنَ القُرَى وَصَرَّفنَا الآيَاتِ لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ، وَقَالَ تَعَالى: وَلَقَد أَخَذنَا آلَ فِرعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقصٍ مِن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُم يَذَّكَّرُونَ، وَقَالَ في شَأنِ المَطَرِ: وَلَقَد صَرَّفنَاهُ بَينَهُم لِيَذَّكَّرُوا فَأَبى أَكثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا، فَهَل نحنُ بما جَرَى لِغَيرِنَا مُعتَبِرُونَ؟ هَل نحنُ بما أَصَابَ مَن حَولَنَا مُتَّعِظُونَ؟ هَل نحنُ بما ذُكِّرْنَا بِهِ مُتَذَكِّرُونَ؟ هَل مِن تَوبَةٍ عَمَلِيَّةٍ صَادِقَةٍ شَامِلَةٍ، نُرَاجِعُ فِيهَا أَنفُسَنَا، وَنُدَقِّقُ النَّظَرَ في حِسَابَاتِنَا، وَنَتَذَكَّرُ مَا مَضَى مِن مُخَالَفَاتِنَا، فَنُصَحِّحَ الطَّرِيقَ وَنُعَدِّلَ المَسَارَ وَنُسَارِعَ بِالرُّجُوعِ وَنُبَادِرَ بِالانكِسَارِ؟ هَل نَفعَلُ ذَلِكَ وَنَجأَرُ إِلى اللهِ قَائِلِينَ: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لم تَغفِرْ لَنَا وَتَرحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ، أَمْ نَفعَلُ كَفِعلِ مَن قَسَت قُلُوبُهُم مِنَ المُنَافِقِينَ، فَلَم يَتَّعِظُوا بما يَرونَهُ مِنَ أَنوَاعِ العَذَابِ التي تُصَبُّ عَلَى مَن حَولَهُم، قَالَ سُبحَانَهُ في حَالِ أُولَئِكَ الظَّالمِينَ: أَوَلاَ يَرَونَ أَنَّهُم يُفتَنُونَ في كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَو مَرَّتَينِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُم يَذَّكَّرُونَ.

أَلا فَلنَتَّقِ اللهَ أُمَّةَ الإِسلامِ، وَلْنَبدَأْ بِأَنفُسِنَا وَلْنُحَاسِبْهَا، فَإِنَّ كُلاًّ مِنَّا أَدرَى بِنَفسِهِ وَأَبصَرُ بِعَيبِهِ، بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَو أَلقَى مَعَاذِيرَهُ. ثم لْنُصلِحْ أُسَرَنَا وَمُجتَمَعَاتِنَا وَمَن حَولَنَا، يُصلِحِ اللهُ شَأنَنَا وَيَحفَظْ أَمنَنَا وَيَزِدْنَا وَيُبَارِكْ لَنَا. إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا، وَإِنَّ مَعَ الضِّيقِ مَخرَجًا، وإِنَّ مَعَ الكَرْبِ تنفيسًا وَمَعَ الهَمِّ فَرَجًا، لَكِنَّ فِينَا مَن لم يَزَلْ يَتمَادَى وَيَزدَادُ بُعدًا، فِينَا مَن يُرِيدُ العَودَةَ بِالأُمَّةِ إِلى جَهَالاتِهَا وَضَلالاتِهَا بَعدَ إِذْ أَنقَذَهَا اللهُ مِنهَا، فِينَا مَن يَسعَى لإِحيَاءِ القَومِيَّةِ وَالعَصَبِيَّةِ وَالنَّفخِ في رُوحِ القَبَلِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ، فِينَا مَن يُرِيدُ لِلنَّاسِ الاجتِمَاعَ عَلَى غَيرِ ذِكرِ اللهِ وَالصَّلاةِ، فِينَا مَن يَوَدُّ لَو تَفَرَّقَ النَّاسُ شِيَعًا وَأَحزَابًا، مِنَّا مَن تَرَكَ الصَّلاةَ وَتَهَاوَنَ بها، مِنَّا مَن مَنَعَ الزَّكَاةَ وَبَخِلَ بها، مِنَّا مَن يُعطِي وَيُنفِقُ وَيَتَكَرَّمُ لا لِوَجهِ اللهِ، فَإِذَا جَاءَ أَمرٌ للهِ وَفي سَبِيلِهِ بَخِلَ وَاستَغنى، مِنَّا القَاطِعُ لِرَحِمِهِ الهَاجِرُ لأَقَارِبِهِ المُصَارِمُ لإِخوَانِهِ، أَكَلنَا الرِّبَا وَتَهَاوَنَّا بِالمُعَامَلاتِ المَشبُوهَةِ، وَقَعنَا في محارِمِ اللهِ وَتَعَدَّينَا حُدُودَهُ بِأَدنى الحِيَلِ، طَلَبنَا الدُّنيَا بِالآخِرَةِ، تَعَالَجنَا بِالسِّحرِ وَأَتَينَا الكَهَنَةَ وَالعَرَّافِينَ، رَفَعنَا أَطبَاقَ الشَّرِّ فَوقَ مَنَازِلِنَا، تَسَمَّرنَا أَمَامَ فَاسِدِ القَنَوَاتِ، وَتَشَبَّعنَا بما يُلقَى فِيهَا مِن شُبُهَاتِ وَضَلالاتٍ، وَتَشَرَّبنَا مَا تَعرِضُهُ مِن فَوَاحِشَ وَشَهَوَاتٍ وَمُنكَرَاتٍ، فَإِلى مَتى الغَفلَةُ وَالتَّنَاسِي؟! وَإِلى مَتى الإِعرَاضُ وعَدَمُ العَمَلِ بِالعِلمِ؟! أَلم يَأنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكرِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير