تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لك: هذه الثمرة التي في البستان ثمرة مائة نخلة أريد أن أشتريها وأقطعها فوراً علفاً للدواب، وفي بعض الأحيان إذا أطلع النخل لأول مرة فبعض أهل الخبرة يقطعون الثمر، ويقولون: إن هذا يفيد النخلة كثيراً ويقوي النخلة، وفي بعض الأحيان حتى لو أطلعت وكان طلعها كثيراً، وفيها عراجين كثيرة، يقطعون بعض العراجين، ولو كانت في السنة الثانية أو الثالثة أو بعد سنوات، فيقطعون بعض العراجين؛ لأنه إذا قطع بعض العراجين قوي المحصول في الآخر، وبقاؤه قد يؤثر على النخلة؛ لأن كثرة المحاصيل تؤثر عليها، فربما أجهلت في السنة الثانية، أي: لا تطلع، فيقطعون المحصول عنها، حتى يخف العبء على النخلة الأم؛ لأنه مثل الحمل في الآدمية، فيخففون عنها، فهذا العرجون إذا قطعت ثمرته قبل بدو الصلاح هل يجوز بيعه أو لا؟ نقول: يحرم بيعه على النخلة بشرط التبقية، أو بيعاً مطلقاً، أما لو قطعه وباعه بعد قطعه، أو اشتراه رجل واشترط أن يقطعه، فإنه يصح البيع. والدليل على ذلك ما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما نهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، قال عليه الصلاة والسلام: (أرأيت لو منع الله الثمرة عن أخيك، فبم تستحل أكل ماله). وتأمل الحديث فإنه نهى عن بيع الثمرة قبل بدو الصلاح، فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين العلة، قال: (أرأيت أي: أخبرني، لو منع الله الثمرة عن أخيك)، يعني: لو بعت بستانك لرجل ولم يبدُ الصلاح -وقبل بدو الصلاح لا تؤمن الآفة- كما ذكرنا فقال صلى الله عليه وسلم: (أرأيت لو منع الله الثمرة عن أخيك)، أي: جاءت الآفة فعلاً، وتلفت الثمرة، فبم تستحل أكل ماله، فالثمرة تلفت؛ لأنه قبل بدو الصلاح لا يؤمن التلف، فإذا تلفت الثمرة صار المال لقاء لا شيء، وأصبح حينئذ البائع يأخذ مالاً بدون ثمرة في مقابله، فقال صلى الله عليه وسلم: (أرأيت لو منع الله الثمرة عن أخيك فبم تستحل أكل ماله)، فأخذ الجمهور من هذا الحديث دليلاً على أن العلة في تحريم بيع الثمرة قبل بدو صلاحها هو خوف فسادها، فإن كان يريدها حاضرة ناضرة بحالها هذا، لكي ينتفع بها علفاً للدواب، لا للآدميين الذين بسببهم منع البيع خوفاً من فسادها قبل أن ينتفعوا بها، جاز البيع، وهذا لا إشكال فيه؛ لأن السنة واضحة الدلالة عليه، وهو مذهب صحيح؛ لأن القاعدة أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، والعلة هنا جاءت منصوصاً عليها في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذا ثبت هذا فمن باع ثمرة من بستان قبل بدو صلاحها، فإنه يجوز إذا كان بشرط القطع، أو قطعها وعرضها للبيع فإنه جائز؛ لأن العلة في هذا التي من أجلها حرم البيع قبل بدو الصلاح غير موجودة، والأصل حل البيع، وهذا يريدها علفاً للدواب، ولا يريدها للآدميين. الحالة الثانية: أن يبيعها بشرط التبقية، كأن يكون عندك مائة نخلة ولم يبدُ صلاحها، فأطلعت وأبرتها، وبعد التأبير وقبل بدو الصلاح جاءك رجل، وقال: أريد أن أشتري منك صيف البستان في هذه السنة، قلت له: صيف هذا البستان في هذه السنة بمائة ألف، قال: إذاً أشترط عليك أن تبقيها لي حتى يبدو صلاحها، فهذا يسميه العلماء: شرط التبقية، عكس الأول، إذ الأول يشترط القطع والثاني يشترط التبقية، والتبقية تفعلة من البقاء، أي: يقول المشتري للبائع: أنا أشتريها، والآن لم يبدُ صلاحها، ولكن شرطي عليك أن تبقيها لي حتى آكلها بلحاً، أو آكلها رطباً، وآكلها تمراً، فهذا يسمونه شرط التبقية. ففي الحالة الأولى حالة اشتراط القطع فإن البائع هو الذي يشترط غالباً؛ لأن من مصلحته أن تقطع الثمرة حتى يرتفق النخل وينتفع بذلك. وفي الحالة الثانية حالة اشتراط التبقية فإن الغالب أن يشترط المشتري. ففي الحالة الثانية إذا اشترى قبل بدو صلاحها، واشترط في العقد أن تبقى إلى بدو الصلاح، فالإجماع على تحريم هذا البيع؛ لمخالفته لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الذي حرم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها)، فإذا باعها قبل بدو صلاحها، واشترط بقاءها فالعلة موجودة بخلاف الحالة الأولى التي فيها العلة مفقودة. لكن هناك وجه عند المالكية خرجه اللخمي من أصحاب الإمام مالك رحمه الله تعالى، يقتضي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير