تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجواز، ولكنه شاذ وضعيف. وشذوذه لمخالفته الإجماع، ومخالفته لنصِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذاً في الحالة الأولى إذا باع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع، فالصحيح قول الجماهير ومنهم الأئمة الأربعة بصحة البيع، لظاهر السنة، وأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، والحالة الثانية: أن يبيع بشرط التبقية، فالإجماع على عدم الجواز، وهناك وجه شاذ عند المالكية يقتضي الجواز، وهو باطل لمخالفته السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الحالة الثالثة: أن يشتري الثمرة قبل بدو صلاحها ويكون البيع مطلقاً. والبيع المطلق هنا: هو الذي لا يشترط فيه القطع ولا تشترط فيه، كأن يقول: عندي مائة نخلة، وهذه المائة نخلة لم يبدُ صلاحها، قال: أنا أشتريها منك بمائة ألف، وسكت البائع، وسكت المشتري، فلم يشترط هذا ولم يشترط هذا، هذا يسمى عند العلماء بالبيع المطلق؛ لأنه عري عن الشرط. فإذا باعه الثمرة قبل بدو صلاحها بيعاً مطلقاً، فما الحكم؟ جماهير العلماء على عدم صحة البيع؛ لأن السنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم حرمت بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وقال الحنفية: يصح البيع، ولكن يجب على المشتري أن يقطع، فقالوا: نصحح البيع، ونلزم المشتري بالقطع فوراً، وهذا ضعيف؛ لأنه مصادم للسنة الصريحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي نهى فيها عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، ولم يفرق بين الذي فيه شرط التبقية، وبين الذي فيه شرط القطع، وبين الذي هو بيع مطلق، وجاء الاستثناء لشرط القطع بالعلة، فبقي ما عداه على الأصل الموجب للتحريم؛ لأن السنة: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها)، فجاءت السنة بالعلة وقيدت حال القطع، فبقي ما عداه على التحريم. إذاً الخلاصة: أن بيع ثمرات النخيل قبل بدو الصلاح، -وهو ما بين التأبير، وما بين بدو الصلاح الذي هو الإزهاء- له ثلاث صور: إما أن يبيعه بشرط القطع، فيصح في قول الجماهير، لظاهر حديث أنس رضي الله عنه: (أرأيت لو منع الله الثمرة عن أخيك). أو يبيعه بشرط التبقية، فلا يصح بإجماع، وفيه شذوذ لا يعول عليه. أو يبيع بيعاً مطلقاً، فالجمهور على عدم الجواز لظاهر السنة، والحنفية مخالفون، والصحيح مذهب الجمهور.

تابع بيع ما يجز ويلقط بعد هذا نرجع إلى مسألة بيع الرطبة والقثاء ونفرِّعها على بيع الثمرة، وانظر إلى دقة المصنف رحمه الله تعالى، حيث جعل بيع النخل بشرط القطع أصلاً، فألحقت به الزروع والثمار والمحاصيل التي تكون في نفس المعنى، فإذا كان الزرع مما يحصد مثل الكرّاث، أو الجُزر الذي يراد ورقه، أو البرسيم، الذي يراد علفاً، فلا يجوز بيع أصله وفرعه، لكن لو باعه بشرط القطع على الجزة الظاهرة صح له ذلك وجاز؛ لأن العلة من خوف الغرر غير موجودة، ويلحق بهذا ما يلتقط، فكما أن الذي يجز يباع فيه الجزة الظاهرة، كذلك الذي يلتقط كالقثاء والباذنجان، والقثاء يختلف؛ لأنه لا يبدو صلاحه إلا إذا تناهى في الطول، والباذنجان لا يبدو صلاحه إلا إذا تناهى في الجرم والحجم، ولذلك قد تبيع الباذنجان وهو أخضر، ثم يصير أحمر، فاللون ليس لذاته مؤثراً، ولكن المؤثر تناهي الحجم، والحجم إما في الطول كما في القثاء، وإما في العرض كما في الباذنجان، وانظر كيف اختار المصنف رحمه الله تعالى، حتى نعلم أن الفقهاء حين يأتون بالتمثيل والتقريب يراعون الأحوال المختلفة، فإن سئلت عن ثمرة طويلة كالقرع المديني تقول: تلتحق بالقثاء، فإن الفقهاء نصوا على عدم جواز بيع القثاء إلا ما تناهى كبره للَّقطة الظاهرة، فلا يباع القرع المديني إلا بعد تناهي طوله فيما تم طوله وتناهى. وأما ما كان من عرضه ممتلئاً فتقول: لا يصح بيعه إلا بعد تناهي كبره لبدو صلاحه في اللقطة الظاهرة، كالقرع غير المديني، وهو القرع الذي يكون مدوراً، فهذا يكون صلاحه بعد تناهي كبره، ويكون للقطة الظاهرة، فيبيع ما صلح للقط، وأما ما لم يصلح فإن البيع فيه بيع غرر، فينتظر إلى صلاحه. [أو جزة جزة]: ذلك كالكرّاث، وكذلك أيضاً البرسيم وأنواع العلف، والقصب. قوله: [أو لقطة لقطة]: وذلك كما ذكرنا في الأشياء التي تلتقط ويكون بعضها لم يصلح، ولم يستتم صلاحه، أو لم يتناه كبره، فإنه حينئذ يباع لَقطة لَقطة. ولاحظ عبارة المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا يباع ثمر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير