تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نقول: نقدم حق المشتري ويجب عليه السقي؟ أو نقول نقدم حق البائع؛ لأن الأصل الضررُ به أعظم من الفرع؛ لأن ضرر النخل ليس كضرر ثمرته، ففي بعض الأحيان يقول أهل الخبرة مثلاً: من المصلحة أن لا تسقي النخلة، وتحتاج أن تمسك الماء عنها أسبوعاً علاجاً لها من بعض الأمراض، والنخلة تمرض كما يمرض الآدمي؛ لأن لها أمراضاً تخصها، فإن قيل له مثلاً: الأرض مختمرة، ولا بد أن تمسك الماء عنها أسبوعاً، فحينئذ إذا أمسك الماء تضررت الثمرة، فنقول: إنه يلزم بالسقي بالمعروف ولو تضررت النخلة، لكن تضرر النخلة غالباً في مثل هذه المسائل ليس تضرراً سارياً إلى الثمرة، إنما هو في التضرر المستقل.

الآفات وأقسامها وعلى من ضمانها [وإن تلفت بآفة سماوية رجع على البائع] أي: إن تلفت بآفة سماوية، كما لو اشترى بستاناً بمائة ألف، ثم أصابته جائحة، والجوائح هي من حيث الأصل: الآفات والأضرار التي تصيب المحاصيل، وتصيب الزروع والثمار، وتنقسم إلى قسمين: الأول: آفات سماوية، وهي التي لا دخل للمكلف فيها. الثاني: وآفات غير سماوية، ويكون فيها للمكلفين دخل. أما الآفات السماوية: فمثل الأعاصير، كأن يأتي إعصار فيه نار فيحرق محصول الحب، ومزارع الحب في بعض الأحيان إذا كان هناك إعصار تشتعل ناراً، خاصة إذا كانت متأهلة للحصاد، فإذا اشتعلت ناراً بالإعصار، أو الصواعق، أو جاء سيل فغمر المحصول كله وأتلفه، فما الحكم؟ إذا كانت الآفة سماويةً، ولا دخل للمكلف فيها، فالسنة مضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضع الجوائح، فأخوك المسلم إذا اشترى منك ثمرة البستان، أو اشترى منك محصول الزرع، ثم أصاب ذلك المحصول، أو تلك الثمرة جائحةٌ سماوية ليس بيده ولا بيدك دفعها، فإنه يجب عليك أن تضع الجائحة عنه، بمعنى أنك ترد له المال، ويكون الضمان على حسب الجوائح، والدليل على وضع الجائحة حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صحيح مسلم وغيره، قال: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضع الجوائح)، فالسنة على أن الجوائح توضع. ومثل الحب النخل، فبعض المواسم يكون فيها: غبار كثير، والغبار يتلف ثمرة النخيل خاصة إذا كان عند التغبير، أو قبل بدو الصلاح، فتجد الثمرة منتفخة ليست بمليئة، وتصاب بأمراض بسبب الغبار، وتصاب بأمراض بسبب الأعاصير وسبب الرياح. وفي بعض الأحيان تهب رياح عاتية قوية، فإذا تحرك النخل تساقط التمر على الماء، ويفسد التمر؛ لأن التمر يصيبه الخمج إذا وقع في الماء، فتتحرك الرياح اليوم واليومين، وتلعب بجريد النخل فربما لا تبقي منه إلا ربعه، وربما لا تبقي منه إلا نصفه، وربما لا تبقي منه إلا ثلثه، فحينئذ إذا جاءت الجائحة فأتلفت الثمرة كاملة وضعت القيمة كاملة، وإن أتلفت نصفها وضع نصف القيمة، وإن أتلفت الربع وضع ربع القيمة. وكيف نعرف أنها أتلفت نصف المحصول، أو ربعه، أو ثلثه؟ الجواب: يرجع إلى أهل الخبرة، فينظر أهل الخبرة في البستان، ويقولون: هذا البستان تلف من محصوله الربع، فإذا اشترى منك بأربعمائة ألف. ترد له مائة ألف، وإن قالوا: تلف النصف، فحينئذ ترد له نصف القيمة، أي: أن الجائحة بالآفة السماوية تضمن وترد القيمة إذا تلف المحصول كاملاً، أو تلفت الثمرة بكاملها، وإن تلف الجزء فيرد بحسابه. هذا بالنسبة للآفات السماوية، أما الآفات غير السماوية وهي ما يكون بفعل المكلف، مثل أن تحصل بين الناس خصومة، فيتلف بعضهم محاصيل بعض، يكون فقد كان في القديم تقع الفتن والحروب فتتلف المحاصيل، فإذا جاء رجل واشترى منك محصول حب، ثم جاء الغزاة وأحرقوا هذا المحصول، فإن العلماء يقولون: آفات الآدمي تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: ما يكون بالغلبة والمغاصبة والقهر، مثل أن تأتي الجماعة التي لا تغلب، فتعيث في القرية أو في المدينة فساداً وتتلف محاصيلها، فهذا بالغلبة والمغاصبة. القسم الثاني: ما يؤخذ بالخلسة، كأن يكون محصولك جاهزاً، وإذا بسارق سرق ربعه أو نصفه أو ثلثه. فأما النوع الذي يكون من فعل الآدمي فجمهور العلماء على أنه لا توضع الجائحة فيه؛ لأنه يكون من تقصير من نفس الشخص غالباً، وإذا غُلب بالقهر فيكون هذا من باب الغنم بالغرم، وبعض أصحاب الإمام مالك رحمهم الله تعالى، يقولون: توضح الجائحة فيه، والأول أقوى، والثاني من ناحية العلة أظهر. أما لو أنك بعت ثمرة بستانك، فجاء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير