تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه الخمسة الأحواض بخمسمائة، فاشتراها بخمسمائة ثم قام بجزها علفاً لدوابه، فلا حرج وهو جائز، لكن لو قال له: أشتري منك هذا البرسيم مدة بقائه في الحوض، لم يجز؛ لأنه بيع مجهول، ويغرر به، فربما ظن أن هذا البرسيم يبقى في الحوض سنة، فإذا به يبقى أقل، وربما ظن البائع أنه سيبقى سنة ثم سيبيع حوضاً ثانياً، فإذا به يبقى خمس سنوات، فهو من بيع المخاطرة، ثم هو بيع للمجهول، لا يدرى أيوجد أو لا يوجد، وهل يخرج جيداً أو يخرج رديئاً. والخلاصة: أن المصنف هنا يريد أن يطبق القاعدة في بيع الأصول والثمار، وهي أنه لا يجوز بيع الغرر. وبيع الغرر في بيع الأصول والثمار. فالبرسيم له أصل، وله ثمرة هي نتاجه الظاهر، والجزة الظاهرة، وكذلك الرطبة لها أصل، وهو الذي يسمى بالجزر، وهو غير الجزر المعروف الذي يعصر، وإنما الجزر السميك المتين هذا الذي يباع وله ورق يزحف على الأرض يقطع علفاً للدواب، هذا النوع من الجزر، وهذا النوع من العلف الذي هو البرسيم لا يباع إلا جزة ظاهرة، ولا يباع أصله مع ثمرته؛ لأننا لا ندري كم ينتج الأصل. لكن لو باع المزرعة وكان فيها صح تبعاً، ولم يصح أصلاً، وقد بينا القاعدة: أنه يجوز في التبع ما لا يجوز في الأصل، وبينا ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما. قوله رحمه الله تعالى: [ولا رطبة]. أي: ولا يجوز بيع الرطبة، وفي حكمها كل شيء مما يكون مستتر الأصل، ظاهر الثمرة فلا يباع إلا الثمرة، ولا يباع النتاج إلا على الظاهر، أن يأخذ ظاهره جزة جزة، أو لقطة لقطة، كما سيأتي في لفه ونشره رحمه الله. قوله: [وبقل]: البقول كما لا يخفى تستتر في الأرض، ولما قلنا: أنه لا يجوز بيع الظاهر من البرسيم إلا جزة جزة، لا يجوز أيضاً بيع البقول إلا لقطة لقطة، ومن هنا فلا يجوز بيع الفجل، ولا يجوز أيضاً بيع الكرّاث، إلا إذا كان قد استخرج الفجل من الأرض، وهكذا بالنسبة للكرّاث، تكون الجزة الظاهرة هي التي تباع؛ لأن الكرّاث كالبرسيم، إذا استتم طوله جزه، ثم ينبت مرة ثانية، ثم يجز فينبت مرة ثالثة، فلا يبيع أصل الكرّاث وفرعه، وإنما يبيع الجزة الظاهرة، وهذا على القاعدة التي ذكرناها: أنه لا يصح البيع إلا لشيء معلوم لا يغرر فيه بالمشتري، وإنما يكون المشتري على علم وبينة، حتى يعلم أن المال الذي يدفعه هل يُستحق لهذا الشيء، ويعلم ما الذي له وما الذي عليه، فلا يجوز إلا لقطة لقطة بالنسبة لما يلتقط، وجزة جزة بالنسبة لما يجز، وهذا كله دفعاً للضرر الذي اشتمل عليه هذا النوع من بيوع الغرر. قوله: [ولا قثاء]: القثاء معروفة، والقثاء إذا أثمرت يكون بعض الحبوب مستتم الخلقة، وبعضها صغيراً، وبعضها متوسطاً، فمنها ما استتم خلقه، ومنها ما لم يستتم، وبناء على ذلك يقولون: لا يبيع إلا الذي استتم خلقه، ومن هنا كما قلنا: لا يجوز بيع المجزوز إلا جزة ظاهرة، جزة جزة، كذلك الملتقط لا يجوز بيعه إلا ما كان متأهلاً صالحاً للالتقاط، أما الذي لم يصلح للالتقاط، فإن بيعه كبيع الحب قبل اشتداده، وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها، والقاعدة واحدة، والشريعة جاءت بقاعدة، وهي أن بدو الصلاح تؤمن معه العاهة غالباً. فإذاًَ بعد أن قررت القاعدة فوردت في النخل، ووردت في الحبوب، فأصبح النخل أصلاً لما ظهر، والحبوب أصلاً لما يحصد، هذا أصل، وهذا أصل، والمعنى في كل منهما أن لا يغرر بالمشتري، ومن هنا كانت الشريعة الإسلامية حافظة لحق البائع، حافظة لحق المشتري، فكل يشتري الشيء بيناً واضحاً دون أن يغرر البائع بأخيه المسلم، ودون أن يشتري المسلم شيئاً يجهله، فيغرر بماله ويخاطر بحقه. قوله: [ونحوه كباذنجان]: ذلك؛ لأن فيه الصغير والكبير، وما بدا صلاحه وما لم يبدُ، فلو قال له: أبيعك محصول الباذنجان هذا، فإنه لا يجوز. وقال بعض العلماء في القثاء والباذنجان، كما هو مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى وطائفة: يجوز بيع كله إذا بدا الصلاح في بعضه، قياساً على النخيل، ولا شك أن الغرر في الباذنجان والقثاء أعظم من الغرر في النخيل، فإن النخيل، إذا بدا الصلاح في بعضها فغالباً تؤمن العاهة فيها كلها، ولكن المحاصيل تختلف عن ذلك، وهذا معلوم بالتجربة، ورجح بعض العلماء قول من قال بالجواز، وقال: إن الذي هو صغير، أو لم يظهر في حكم الظاهر، ولكن هذا ضعيف، خاصة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير