تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحكم لو اتفقا في القدر واختلفا في النوع؟ كأن يقول: لي عليك عشرة آلاف جنيهات، فقيمتها أغلى، فقال: بل لك علي عشرة آلاف ريالات، فحينئذٍ يتنازعان، فبعض العلماء يقول: الأصل أن نحتكم إلى العرف. فالعرفُ إن شهِد بصدق أحدهما فالقول قوله، لأن العرف إذا كان بالريالات، فقد ذكرنا قول الناظم: تمييز حال المدعِي والمدّعَى عليه جملة القضاء وقعا فالمدعِي من قوله مجرد من أصلٍ أو عرفٍ بصدق يشهد فقوله: (أو عرف بصدق يشهد)، فالعرف يشهد بصدق إحدى الدعاوى، فإذا قال له: لي عليك عشرة آلاف من الجنيهات، وقال الآخر: بل من الريالات، والعرف يتعامل بالريالات، فنقول: القول قول من قال بالريالات؛ لأن العرف يشهد بأن الديون تجري بالريالات لا بالجنيهات، فإن كان العرف بالجنيهات أو (بالدولارات)، حُكِم بذلك العرف. هذا مما يستثنى في مسألة قول الراهن، لكن بعض العلماء يقول -كما اختاره المصنف-: إنه يُقبل قول الراهن مطلقاً، لكن لو نُظِر إلى قواعد القضاء التي ذكرناها، فيكون هناك تفصيل، فنقبل قول الراهن إذا شهِد الأصل أو شهِد العرف بصدقه. ...... تابع قبول قول الراهن في قدر الدين والرهن ورده قوله: (ويقبل قول الراهن في قدر الدين والرهن ورده) كما إذا قال له: رهنتك سيارةً، فلم تردها. إذا فرضنا أن الدين عشرة آلاف ريال، فدُفِع سيارة في مقابل الدين، فإذا سدد الراهن، فإنه يجب رد الرهن إليه، فصورة المسألة: أن الراهن إذا سدّد الدين الذي عليه؛ فإن له أن يطالِب بالرهن، ويقول: كما أنني وفَّيت لك بأداء دينك عليّ، وفِّ لي برد الرهن؛ لأن الرهن شُرِع من أجل الاستيثاق، فإذا كان الدين قد أُدِّي؛ وجب رد الحقوق إلى أهلها. إذاً: صورة المسألة: إذا قام الراهن بسداد الدين الذي عليه، وإبراء ذمته، فإن له أن يطالب برد الرهن، مثاله: باع رجل عمارته بمليون، فقال له المشتري: أمهلني سنة، فقال البائع: أعطني رهناً، فقال: أرهن عندك أرضي الفلانية، أو عمارتي الفلانية، فقال: قبلت. وقبل انتهاء الأجل سدد المديون والمشتري جميع المليون، فإنه يجب حينئذٍ على صاحب الدين أن يرد الرهن؛ لأن الرهن ملكٌ للراهن المديون، وإنما أُخِذ منه حيطة واستيثاقاً كالوثيقة، احتُفِظ بها حق صاحبها. أما إذا اختلفا فقال الراهن: لم تعطني أرضي، وقال صاحب الدين: بل رددتها إليك، فهل نقبل قول الراهن، أو نقبل قول المرتهِن؟ أو من الذي يُطالب بالبيّنة والدليل على الرد؟ هل نطالب الراهن أو نطالِب المرتَهِن؟ في هذه المسألة ننظر إلى الأصول: فالأصل أن الرهن موجودٌ عند المرتَهِن، فتبين أن الرهن ليس في يد الراهن؛ لأن الكل متفق على أن الراهن قد دفع الأرض للمرتهن، وصاحب الدين -الذي هو المرتهن- يقول: رددت لك، ومعناه: أنه يُسَلِّم بأنه قد أخذ. فإذا جاءك شخصان أحدهم يقول: لي على فلان ألف، فقال الآخر: قد رددتها عليه، فإذا قال: قد رددتها عليه، فمعناه: أنه أقر أن عليه لفلان ألفاً. فهذا ينبغي أن يُلاحظ. فإذا قال صاحب الدين: رددت الرهن إليك، فإننا نقول: اليقين أن الرهن في ذمتك، والأصل أنك مطالب برد الرهن إلى صاحبه؛ لأنك تسلم أن حقك رجع إليك، وهو الدين، وتسلم بأن الراهن قد وضع عندك الرهن. إذاً: نحن على يقين بأن ذمته مشغولة، ونطالِبه بالدليل، كما أنه أقر، والإقرار كما يقولون: أقوى الحجج؛ لأنه شهادة من الإنسان على نفسه. فالقاضي ليس عنده إشكال أن المرتَهِن يقر أن الراهن أعطاه الرهن الفلاني، فما على القاضي إلا أن يبحث أو يطالب المرتَهن -وهو صاحب الدين- بدليلٍ يدل على براءة ذمته، كما أنه على يقين من أنها مشغولة، وحينئذٍ تعكس القضية أو تصوِّرها بصورة ثانية، فتقول: القول قول الراهن. إذاً معناه: أن الرهن في ذمة المرتَهِن، حتى يثبت أنه قد رد ذلك الرهن إلى صاحبه. وعلى هذا قالوا: إذا قال له: قد رددت الرهن إليك، وقال: ما رددت الرهن إليَّ، فحينئذٍ نطبِّق القواعد: وقيل من يقول قد كان ادعى ولم يكن لمن عليه يُدَّعى (قد كان) أي: صاحب الدين يقول: رددتُ، (ولم يكن) أي: الراهن يقول: ما رددتَ. فإن القول قول الراهن، فتخرَّج على القاعدة التي ذكرناها في الخلاف: أن من ينفي فالقول قوله، ومن يُثبِت يُطالَب بالدليل، وكذلك إذا نظرنا إلى الأصل، فإنه حينما قال له: قد رددت عليه أرضه، فإن الأصل أن ذمته مشغولة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير