تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويترك الأمر حتى يخشى بيع رهنه، ويأتي ويُقر لزيدٍ من الناس أو لعمرو من الناس؛ هذا فيه شبهة. فقالوا: نقبل إقراره لكن على نفسه، ونُبقي الرهن على حاله؛ لأن الأصل بقاء يد الرهن، وهو عقدٌ لازم قد تم بين الطرفين، ثم ننظر: فإذا انتهت المدة وسدد الدين، عرفنا أنه رجل أقر بحق، فننزع الأرض منه ونعطيها لمن أقر له، فقُبِل إقراره على نفسه، واستوثقنا بالدين؛ لأن الدين أُدِّي إلى صاحبه، فإن مضت المدة ولم يُسدد، فحينئذٍ الأصل أنها رهن وأنها ملكٌ له، فتُباع، ثم يحكم القاضي بأن فلاناً فوّت على فلان أرضه بقيمته، فحينئذٍ يُلزم بضمان هذه الأرض، فإما أن يُطالَب بشرائها ممن انتقلت إليه، ويرد عين الأرض كما فوّتها على أهلها، وإما أن يضمن قيمتها لصاحبها، وعلى هذا يُقبل إقراره على نفسه، لكن لا يُقبل إقراره ملغياً للأصل الذي ذكرنا .. هذا في الإقرار. لكن لو أن رجلاً استدان مائة ريال، فقال له صاحب الدين: أعطني رهناً، فقام وأخذ مسجلاً على جاره أو أخيه، ثم رهنه دون إذنٍ منه، فمعنى ذلك: أنه اغتصبه الرهن، فلما وضعه في الرهن، ادّعى الأخ أو صاحب المسجِّل عليه عند القاضي فأقر، فحينئذٍ يكون قد أقر بملكية المسجِّل لصاحبه، فيبقى المسجل على الأصل، أي: يبقى رهناً، هذا هو الظاهر، ويكون إقراره فيه شبهة، ثم بعد ذلك نحكم ببيع المسجِّل على الظاهر، مثلما فعلنا في الأرض، ونرد لصاحب الحق حقه، ثم نطالبه بأخذ هذا المسجِّل بقيمته بالغاً ما بلغ، أو يضمنه لصاحبه. فمثلاً: لو بِيع هذا المسجِّل بخمسمائة ريال، والدين مائة ريال، فنأخذ منها مائة ونسدد صاحب الدين، ونرد الأربعمائة لهذا الشخص، ثم نقيم الدعوى الثانية، ونطالبه بشراء المسجِّل ممن أخذه؛ لأن الشراء صحيح، وعلى هذا فولاية القاضي ببيعه كرهن ولاية صحيحة، ثم بعد ذلك نطالبه بشراء المسجل ثانية غالياً أو رخيصاً ويرده إلى صاحبه، فتبقى يد الرهن على ما هي عليه، وضُمِن الحق لصاحبه، وقُبِل الإقرار، فأُعمِلت جميع الحقوق؛ رُد إلى هذا حقه، ورُد إلى هذا حقه، وقبلنا إقراره على نفسه. ونضرب مثالاً آخر يكون فيه الحكم مختلفاً: لو قال له: أعطني مائةً ديناً، فقال له أعطني رهناً، فقال: هذا المسجِّل رهن عندك، فأخذ صاحب الدين المسجِّل، ثم تبيّن أنه ملكٌ لغيره، فادّعى زيد أن فلاناً أخذ مسجِّله ثم احتال عليه ورهنه، فطلبه القاضي، وقال له: هل أخذت من فلان مسجلاً؟ فقال: لا، ما أخذت. فأنكر، فأقام زيدٌ -الذي هو صاحب المسجِّل- البيِّنة وشاهدين عدلين على أن المسجل مسجِّله، فحينئذٍ يحكم القاضي بنزع اليد ورجوع المسجِّل إلى صاحبه، ثم يُطالَب هذا الراهن ببديلٍ عنه يقوم مقامه. إذاً: يفرَّق بين كونه مقراً؛ لوجود شبهة، وحتى لا يتخذ طريقة للتلاعب لبيع الرهن، والرهن يكون استيثاقاً لحقوق الناس التي ضمِنها الشرع بهذا النوع من العقود، وبين كونه منكراً وثبت أن المال ملكٌ للغير؛ وذلك لوجود البينة بعد الإنكار .. هذا بالنسبة لمسألة الإقرار، ومسألة الإنكار. وعليه: فإننا نقبل إقراره على نفسه فقط، ولا يكون ملزِماً لزوال يد الرهن اللازمة. ...... إقرار الراهن بجناية الرهن على غيره قوله: (أو أنه جنى). قديماً كان الرقيق ربما يجني جناية، وإذا جنى جناية ففي بعض الأحيان تكون الجناية في قيمته، ولربما استوعبت الرقيق بكامله، فدُفِع إلى من جنى عليه، وكذلك الدابة، فلو أن الدابة حصلت منها جناية على وجهٍ يوجب الضمان، فنأخذ نفس الحكم، فإذا كان قد ارتهنها، فإنه في هذه الحالة إذا أقرّ بالجناية مثلما إذا أقر بالملكية، فكل القضية في كونه يُدخِل على الرهن يداً غير اليد الأولى، وهذا بالإقرار وليس بالبينة التي هي الشهود، أما لو كانت بالبينة فقد بيّنا الحكم، وهو أنه يصير فيها مُوجِب الضمان، لكن بالنسبة لمسألة إدخال اليد الثانية على اليد الأولى، في صورة ادعاء الملكية، كأن يُقر بأنه ملكٌ لغيره، أو يُقر بأنه جنى .. مثاله: لو رهن رقيقاً، وهذا الرقيق جنى جناية تستوعب قيمته، كأن تكون قيمة الجناية عشرة آلاف ريال، وهي قيمته، فحينئذٍ يقال للمجني عليه: أتريد المال أم الرقبة؟ فإن قال: قبلت الرقبة، فإذا قبل المجني عليه الرقبة، فهذا معناه أن الرهن سيفوت، فإن وقع بإقرارٍ حُكِم كقضية الملكية السابقة، وإن وقع ببيِّنة فلا إشكال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير