تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجوب رد الحق الذي أقرّ به الراهن إلى صاحبه بعد فك الرهن قوله: (قبل على نفسه وحُكم بإقراره بعد فكِّه). أي: فإن سدد الدين، وفُكّ عن العين الرهن، فحينئذٍ يطالَب برد الحق الذي أقر به إلى صاحبه. مثاله: لو قلنا: استدان مائتين، ثم رهنه ساعة قيمتها خمسمائة، فادّعى رجل أن الساعة له، فأقر الراهن أنها له، فننتظر إلى أن ينتهي الأجل، فإذا سدّد الدين، فنقول: يُفك الرهن، وتُرد الساعة للراهن، ويحكم عليه بإقراره فتُنزع من الراهن وتُرد إلى صاحبها، هذا بالنسبة لقوله: (قُبل على نفسه)، وقوله: (وحُكم بإقراره بعد فكه) بعد رد الرهن وفكِّه.

حكم من رهن مال غيره إذا صدقه المرتهن قوله: (إلا أن يصدقه المرتَهِن). أي: أن بعض الناس تقبل منه ذلك، وتعلم أنه صادق ولو لم يقم بيِّنة، فالرجل الصالح التقي الورع الذي تعامله وتعرفه بالأمانة، ربما أخطأ ورهن مال غيره، وهذا قد يقع، فحينئذٍ إذا أقر لغيره، وقال: هذا المال ليس لي، فحينئذٍ يُحكم بكونه قد رهن ما ليس له، فإن رهن ما ليس له، فبعض العلماء يقول: ننظر إلى الشخص المالك، فإن قبله رهناً فحينئذٍ لا إشكال، كأن يقول له: ما دمت قد أقررت أنه مالٌ لي، فأنا أقبل أن يكون ضماناً لدينك، فكما أنه يجوز أن يضمنه بنفسه، يجوز أن يضمنه بماله، هذا إذا رضي، ويمضي الرهن على هذا، وأما إذا قال: بل أريد مالي، فحينئذٍ ينزع ويطالب ببديل عن ذلك الرهن.

الأسئلة ...... تعارض الأصل والظاهر السؤال: عند الاختلاف متى يُحكم بالظاهر ويُترك الأصل أثابكم الله؟ الجواب: باسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فهذا سؤال جيد، وفي الحقيقة مسألة تعارض الأصل والظاهر مسألة دقيقة؛ بل تعتبر من أدق مسائل القواعد، وهذا من توفيق الله للسائل، ولا شك أن السائل أحسبه من طلاب العلم، فالسؤال قوي ومركَّز. ومسألة الظاهر ومسألة الأصل نقول فيها: إن الظاهر دائماً يستدل بدلائل وعلامات وصفات معينة، فيُحكَم بكونه ظاهراً، فمثلاً: في قضية النجاسات، إذا دخل الشخص إلى دورة المياه، فإنه يجد الماء على البلاط، فإن كان في المكان المنفصل عن النجاسات، فالظاهر أنه طاهر، وليس هنا قضية أصل وعدمه؛ لأنه توجد صفات مؤثرة ومواضع تقوي شيئاً إما الطهارة وإما النجاسة، فالظاهر يقوم دائماً على الصفات، فإذا دخلنا إلى دورات المياه، فبالنسبة لأماكن الوضوء إذا كانت مفصولة وجرى الماء فيها، فإننا نحكم بكونه طاهراً؛ لأنه ليس ثم دليل على نجاسته. ولكن إن كان الماء في داخل دورات المياه، أي: في مكان قضاء الحاجة، فإن هذه الأماكن الظاهر منها أنها نجسة، فلو طار على الإنسان رذاذ، فإن كان من المكان المحكوم بظاهر الطهارة فيه فهو طاهر، ولا يؤثر، فلو وطئ بقدمه ثم وجد على ثوبه أثر الماء الذي يكون بعد المشي أو المسير، فإنه يحكم بكونه طاهراً؛ لأن الظاهر طهارته، ولو وطئ في موضع النجاسة، أو مثلاً سقط حجر في مكان النجاسة فتطاير الرذاذ، فإن الظاهر إذا أصاب الثوب أنه نجس. إذاً: عندنا في الظاهر الدلالة والعلامة التي يُستند إليها في ظاهر الحال، وليست في الأصل، فإن الأصل له جانب آخر، ويُحكم بالظاهر في مسائل العبادات والمعاملات أيضاً، فالعبادات كما ذكرنا. والظاهر في المعاملات: مثاله: لو أن شخصين اختصما في سيارة، فأحدهم يقول: هي سيارتي، والثاني يقول: بل هي سيارتي، وأحدهما في مقعد القائد والثاني بجواره، فلمن تكون السيارة؟ تكون للذي في مقعد القائد؛ لأن الظاهر يشهد بأنها سيارته، وظاهر الحال يدل على صدق دعواه وكذب دعوى من خالفه، وكذلك أيضاً لو حُكِم بالظاهر في البيت، كرجلين يختصمان في بيت، أحدهما ساكنٌ فيه، والثاني خارج عنه، فنقول: الظاهر أنه بيت من هو ساكن فيه، حتى يقوم الدليل على اليد الخارجة .. هذه كلها تعتبر من مسائل الظاهر. أما مسائل الأصل: فإنها تعرف بالمعاني، فالظاهر -كما ذكرنا- يعرف بالمحسوسات والصفات، ولكن الأصل يعرف بالمعاني، فمثلاً: إذا جئت إلى ماء، وشككت هل هو نجس أو طاهر؟ فتقول: الأصل أنه طاهر حتى يدل الدليل على نجاسته، ولو مشيت في طريق -مثلاً- فوجدت ماءً على الطريق، ثم أصابك منه شيء، فإننا نقول: الأصل طهارته حتى تتحقق أنه نجس؛ لأن الأصل طهارة الأشياء حتى يدل الدليل على نجاستها، ولو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير