تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تلقائياً، دلّ على أن العطية محض تبرّع، وهذا يسمونه: الاستناد إلى الظاهر؛ لأن المالك الحقيقي موجود، فكونه موجوداً ويمكنه أن يتصل به أو يرسل إليه، أو يأتيه بنفسه ويقول له: إني سأنفق على الرهن فهل تأذن لي؟ فكونه لم يفعل ذلك، هذا يسمونه: دلالة الظاهر، وقد سبق أن ذكرنا الظاهر والأصل، فهذا من الظاهر فيُعمل به، ويقال: هذا محض تبرّع. وقال بعض العلماء: يرجع إلى نيته، فإن كان نوى أنها تُحتسب احتسبت، وإن كان نوى أنها لا تحتسب فإنها لا تحتسب، وتكون محض التبرع. والمراد بقوله: (لم يرجع)، أي: ليس من حقه أن يرجع على المالك الحقيقي فيطالبه، فيقولون: رجع، لم يرجع، وعليه أن يرجع، هذا هو المراد به، أنه إذا دفع مثلاً ما قيمته خمسمائة ريال نفقة، وكان بإمكانه أن يستأذن المالك الحقيقي ولم يستأذنه، فحينئذٍ ليس من حقه أن يرجع ويطالب المالك الحقيقي بالنفقة. ...... النفقة على الرهن عند تعذر الرجوع إلى الراهن قال رحمه الله: [وإن تعذّر رجع ولو لم يستأذن الحاكم]. قوله: (وإن تعذر) أي: إن تعذر عليه أن يرجع إلى المالك الحقيقي، وإن لم ينفق صارت الدابة معرضة للموت، والوقت ضيق، فتعذّر عليه أن يرجع؛ وذلك لصعوبة الاتصال به، أو سافر الراهن، وتعذر أن يتصل به أو يجد وكيلاً عنه، فقام وأنفق، فإنه يرجع؛ لأن الشبهة هنا قائمة، والأصل أن نفقته محسوبة، وقد قلنا هنا: إنه يرجع؛ لأنه لما أنفق هذا المال، فالأصل أن يرجع في ضمانه، هذا هو الأصل، ولما تعذّر عليه الرجوع سقط تأثير الظاهر؛ لأن في الظاهر ما يدل على الشبهة لوجود العذر، وحينئذٍ لا نلزمه، ولا نقول له: يسقط حقك؛ بل نقول: إن من حقك أن ترجع عليه بقدر النفقة. فلو أنفق عليه مثلاً في حدود خمسمائة ريال، وقيمة الرهن عشرة آلاف ريال، والدين تسعة آلاف ريال، فلما انتهى الوقت جاء وسدد تسعة آلاف ريال، وقال له: أعطني الرهن، فقال: بقي خمسمائة تكفّلتُها نفقة على الرهن، فإن قال: لا أعطيك، فحينئذٍ من حقه أن يطالبه، ويقول له: أعطني هذه الخمسمائة وهي تابعة للدين، فيُلزم بإعطائه، ويجب عليه أن يعطيه، سواءً استأذن الحاكم أو لم يستأذنه. وبعضهم يقول: عليه أن يستأذن الحاكم والوالي، والمراد بالحاكم هنا القاضي؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (فالسلطان ولي من لا ولي له)، فجعل القضاة والحكام إنما يُرجع إليهم إذا تعذّر الرجوع إلى الأصل، فهم يقومون مقام الناس في القيام على مصالحهم، وعلى هذا قالوا: إنه يرجع إلى الحاكم فيستأذنه أولاً ثم ينفق، ولا شك أن الرجوع إلى القاضي متى أمكنه الرجوع إلى القاضي أحوط.

النفقة على الوديعة مع إمكان الاستئذان من المالك وعدمه قال رحمه الله: [وكذا وديعة]. أي: إذا أنفق على وديعة، ومثاله: رجلٌ أعطاك وديعة، فإذا احتاجت هذه الوديعة إلى نفقة، وأمكنك الاتصال به، فإنه يجب عليك أن تتصل به وتستأذنه، وإن لم يمكنك الاتصال به على التفصيل الذي ذكرناه في الرهن، فمن حقك أن تطالبه بنفقتك على وديعته، سواءً قلنا باستئذان الحاكم أو بدونه، وأما إذا أمكنك أن تستأذنه ولم تستأذنه، فإن نفقتك على الوديعة تعتبر محض التبرّع، وليس من حقك أن تطالب بالنفقة. ...... النفقة على العارية مع إمكان الاستئذان من المالك وعدمه قال رحمه الله: [وعارية]. أي: إذا استعار شخصٌ شيئاً، واحتاج هذا الشيء إلى نفقة، فإنه يرجع إلى مالكه الحقيقي ويستأذنه، فإذا لم يستأذنه مع إمكان الاستئذان، فإنه يتحمل مسئولية النفقة، وأما إذا لم يمكنه وتعذر عليه الاستئذان وقام بالنفقة، فإنها تضمن على التفصيل الذي ذكرناه في استئذان الوالي وعدم استئذانه. ...... النفقة على الدواب المستأجرة الهارب صاحبها قال رحمه الله: [ودواب مستأجرة هرب ربها]. وذلك مثل الإبل في القديم، فإذا أستأجرها الإنسان من أجل الركوب، ثم هرب صاحبها، فهذه الدواب ستبقى عندك، وتكون يدك عليها قائمة، يد حفظ، فتحفظها لأخيك المسلم، وبعض العلماء يُلزمك بالحفظ هنا، ولا خيار لك، تُلزم بحفظها، وتقوم عليها حتى يأتي ربها وصاحبها، ثم تنفق عليها منها، فإذا أنفقت عليها منها فلا إشكال، وأما إذا لم تجد منها شيئاً وقمت أنت بنفسك وأنفقت من مالك، فحينئذٍ يكون من حقك الرجوع على مالكها الحقيقي إن جاء يطالبك يوماً من الأيام؛ لأنه تعذر عليك أن تتصل به

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير