تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على ذلك المليء القادر فإنه يجب عليك أن تتبع المليء القادر. كذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: (على مليء) صفة ومفهوم المخالفة في الصفة: أنك إذا أحلت على معسر أو أحلت على مماطل ومؤذٍ فإن من حقك أن تمتنع. وقوله عليه الصلاة والسلام: (مطل الغني ظلم) فالمماطلة تكون غير مشروعة إذا كان الإنسان قادراً على السداد؛ وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: (مطل الغني) أي: القادر أن يسددك. وعلى هذا فلا يجوز للمسلم إذا كان عليه دين أن يماطل في السداد إذا حل الأجل، ولهذا قال بعض العلماء: إنه إذا ماطل في السداد ولو مرة واحدة وهو قادر فإنه يعتبر فاسقاً؛ لأنها كبيرة، ويوصف بكونه فاسقاً وتسقط عدالته وترد شهادته. وقال بعض الجمهور رحمهم الله: إنه يشترط في الحكم بسقوط العدالة أن يتكرر مطله، فلا يكون مرتكباً للكبيرة في المرة الواحدة، بل لابد وأن يتكرر منه الامتناع والمماطلة. فهذا الحديث دل على مشروعية الحوالة كما ذكرنا، ودل إجماع العلماء على مشروعية الحوالة أيضاً، فقد أجمع أهل العلم رحمهم الله على أن الحوالة مشروعة، وأنه إذا كان عليك دين ولك على شخص دين وأحببت أن تحيل من له عليك الدين على الشخص الآخر الذي تسأله حقك وهو حق متماثل -مستوفٍ للشروط التي سنذكرها في الحوالة- فإن ذلك جائز ومشروع. وفي مشروعية الحوالة كما ذكرنا تيسير على العباد؛ لأن الحوالة تتضمن جلب المصلحة ودرء المفسدة، فجلبت المصلحة لك من جهة إبراء ذمتك، ودرأت المفسدة عنك من جهة أذية مطالبة الغير لك. ...... مناسبة ذكر باب الحوالة بعد الأبواب السابقة ذكر المصنف رحمه الله خمسة عقود أولها القرض ثم يليه الرهن ثم يليه الضمان والكفالة ثم بعد ذلك باب الحوالة، وجميع هذه العقود تسمى عقود الرفق، وبعضها يختلف عن بعض لكنها تشترك من جهة إبراء الذمم واستيفاء الحقوق، فأنت إذا نظرت إلى القرض فهو منشأ هذه الأبواب التي ذكرنا فغالباً ما يقع الضمان والكفالة -سواءً كانت كفالة حضور أو كفالة غرم- في الديون، والرهن يتركب على الدين، ثم الحوالة تكون في الديون، وهذه الأبواب كلها جاءت وراء بعضها لوجود المناسبة بينها. ولما كان عقد الحوالة يقصد منه الرفق شابه الأصل وهو القرض، ويقصد منه استيفاء الحقوق أيضاً؛ لأنك لما تحيل على المديون الذي لك عليه دين قصدت أن يستوفي صاحبك حقه من ذلك الدين، فهي من عقود الاستيفاء كالرهن، فإنك إذا وضعت السيارة رهناً أو الأرض رهناً إنما قصدت إذا عجزت عن السداد أن يسدد حقه من تلك العين المرهونة. فهذه الأبواب كلها المناسبة بينها واضحة، وآخرها باب الحوالة لاشتماله على الإبراء. إلا أن باب الحوالة يختلف عن الكفالة -التي كنا فيها في آخر دروسنا- من جهة كون الحوالة ينتقل الحق منك إلى الشخص الذي أحلت عليه، وبناءً على ذلك لا يستحق أن يطالبك بعد الحوالة، لكن في الضمان والكفالة من حقه أن يطالبك أو يطالب من كفلك، ولذلك قلنا: وله مطالبة أيهما شاء. ففي الكفالة إما أن يطالبك أو يطالب من كفلك، وأما في الحوالة، فلا يستطيع، إنما يتوجه مباشرة إلى الشخص الذي لك عليه الحق. وعلى هذا يختلف باب الكفالة عن باب الحوالة من هذا الوجه، وهو أن الحوالة توجب براءة الذمة، ولكن في الكفالة لا يبرأ المكفول إلا إذا أبرأه صاحب الدين على التفصيل الذي سبق بيانه والإشارة إليه. يقول المصنف رحمه الله: [لا تصح إلا على دين مستقر]. ...... أركان الحوالة الحوالة تتركب من أربعة أركان: - الركن الأول: المحيل. - والركن الثاني: المحال. - والركن الثالث: المحال عليه. - والركن الرابع: المحال به. أربعة أشياء: أولاً: المحيل، ثم المحال، ثم المحال عليه، ثم الرابع المحال به. فالحوالة تستلزم الأركان السابقة، فلو فرضنا أن لي عليك عشرة آلاف ريال، ولك على زيد عشر آلاف ريال، ففي الأصل أطالبك بالعشرة والدين الثاني مطالبتك لزيد بنفس العشرة. فإذاً هناك ثلاثة رءوس: من كان له الدين، ثم من عليه الدين، ثم هناك دين ثالث يتعلق به الرأس الثالث الذي قلنا هو زيد. ففي الحوالة تحيلني بالدين الذي عليك -وهو العشرة آلاف- على زيد. فإذاً أركان الحوالة أربعة هي: - محيل وهو أنت. - ومحال وهو أنا. - ومحال عليه وهو زيد. - ومحال به وهو العشرة آلاف. ...... شروط صحة الحوالة هناك شروط لابد من توفرها

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير