تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشرع على سبيل العموم ثم يخصص الشرع منه ما شاء. وبناءً على ذلك تكون الحوالة فيها صورة البيع، وعلى هذا فإنهم يقولون: لابد وأن يكون الدينان متفقين جنساً كذهب بذهب وفضة بفضة، فلا يصح أن يحيل ذهباً على فضة ولا فضة على ذهب، كذلك أيضاً: لابد أن يتفق الدينان صفة؛ لأن الدين يكون معجلاً ويكون مؤجلاً؛ فإذا كان لك على شخص دين إلى نهاية محرم وأحالك على شخص عليه دين مؤجل إلى نهاية محرم صحت الحوالة، فلو قال لك: يا محمد! لي على زيد عشرة آلاف في نهاية محرم، فالعشرة آلاف التي لك عليّ في نهاية محرم أحيلك على الدين الذي لي على زيد؛ صح ذلك لاتفاق الدينين تأجيلاً. وكذلك تعجيلاً فلو أنه أعطاك خمسة عشر ألفاً وحل الأجل في يوم خمسة عشر من ذي الحجة، فجاءك وقال لك: يا فلان! لي عليك خمسة عشر ألفاً أعطنيها، فتقول: أنا لي على زيد من الناس خمسة عشر ألفاً، وقد حلت مثلما حل دينك، اذهب وخذها من فلان فحينئذٍ يصح؛ لأن الدينين اتفقا صفة فالعاجل بالعاجل والآجل بالآجل، لكن لو كان أحدهما مُعجلاً والآخر مؤجلاً لم يصح، فلابد من اتفاقهما تعجيلاً وتأجيلاً. الوصف: معلوم أن الدنانير من الذهب تختلف، فهناك الدنانير المصرية والدنانير الأميرية والدراهم البغلية فيقولون: جنساً كذهب بذهب وفضة بفضة، ووصفاً وعليه فدراهم مصرية بأميرية لا يصح؛ لأن هذه لها صفة غير صفة هذه، أو دنانير مكسرة بدنانير صحيحة، أو دراهم مكسرة بدراهم صحيحة لا يصح، لكن دراهم صحيحة، بدراهم صحيحة ودنانير صحيحة بدنانير صحيحة يصح. ويدخل في الوصف التعجيل والتأجيل، وبعض العلماء يفرق التعجيل والتأجيل في الوقت كما صنع المصنف فقال: (جنساً ووصفاً ووقتاً). الوقت: هو التعجيل والتأجيل، ولابد في المؤجل أن يتفقا قرباً وبعداً، فلا يصح أن يكون الدينان أحدهما أجله قريب والثاني أجله بعيد، بل لابد وأن يتفق الأجلان حتى تصح الحوالة. قدراً: كعشرة آلاف بعشرة آلاف وخمسة عشر، بخمسة عشر، لكن يجوز أن يحيله بعشرة آلاف على شخص له عليه عشرون، فيقول له: أعطه منها عشرة يصح، ولا يؤثر وجود الفضل والزيادة، وتكون الحوالة في الحق الثابت بالدين الأول، فيقول له: لك عليّ عشرة آلاف ولي على زيد عشرون، اذهب وخذ منها عشرة سداداً لدينك ووفاءً لحقك. قال: [ولا يؤثر الفاضل]. كما ذكرنا كأن يحيله بعشرة آلاف على من له عليه عشرون.

أن تكون الحوالة بمعلوم الشرط الثالث من شروط صحة الحوالة: أن تكون بالمعلوم فلا تصح بالمجهول؛ لأنها إبراء للذمم، فلا يصح أن تكون بالمجهولات، لابد وأن يتحقق فيها العلم، خاصة وأننا قلنا: إن فيها شبهة البيع، فعلى القول بأن فيها شبهة البيع؛ فالبيع لا يصح بالمجهول، وقد بينّا اشتراط العلم بالمبيع.

أن تكون الحوالة برضا المحيل الشرط الرابع: رضا المحيل، فإذا أراد أن يحيلك اشترط أن يحيلك برضاه واختياره، ولا يصح دون رضا المحيل مثلاً، لو كان لك على زيد عشرة آلاف وأنت تعلم أن زيداً له على عمرو عشرة آلاف ليس من حقك أن تذهب إلى عمرو مباشرة دون أن يحيلك زيد، فإذاً: يتشرط فيها رضا المحيل، ولا يشترط رضا المحال كما سيأتي. هذه أربعة شروط هي التي تصح بها الحوالة، وقد عبر المصنف بقوله: (ولا تصح) وهذا يدل على أن الشروط شروط صحة؛ لأننا قدمنا أن هناك شروط صحة، وهناك شروط إجزاء، وهناك شروط نفاذ، وهنا قصد المصنف أن يبيّن أن هذا الشرط إذا لم يوجد ولم يتحقق لا نحكم بصحة عقد الحوالة. فإذاً هذه الأربعة شروط لا تصح الحوالة بدونها وهي: - الشرط الأول: أن يكون بدين ثابت مستقر. - الشرط الثاني: أن يكون الدينان متفقين جنساً ووصفاً ووقتاً وقدراً. - الشرط الثالث: أن تكون بمعلوم لا بمجهول. - الشرط الرابع: أن تكون برضا المحيل. هذه أربعة شروط لابد من توفرها، أما رضا المحيل: فقد حكى العلماء رحمهم الله الإجماع بهذه الصيغة بلا خلاف، فليس هناك أحد يخالف ويقول: إنها تقع حتى ولو لم يرض، إلا خلافاً شاذاً حكي عن الحسن البصري أحد أئمة التابعين رحمه الله برحمته الواسعة، ولكن جماهير السلف والخلف على هذا القول أنها لا تصح إلا برضا المحيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير