تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

افتقر خالد أو أصبح معسراً فهل يرجع إلى المحيل؟ الجواب: لا. لأنه إذا تمت الحوالة وكانت في وقتها مستوفية للشروط وحكمنا بصحتها وبلزومها برئت ذمة المحيل مباشرة، وإذا برئت ذمته انقطعت الصلة بينه وبين من يطالبه، فحينئذٍ يكون وجهه على الطرف الثاني وهو المحال عليه. ...... المعتبر في الحوالة رضا المحيل لا المحال عليه قال رحمه الله: [ويعتبر رضاه لا رضا المحال عليه]. أي ويعتبر رضا المحيل؛ لأنه في الحقيقة إذا كان لك عليّ دين وأردت أن أحيلك على شخص آخر فإن الشخص الآخر -الذي هو خالد- الذي لي عليه الدين من حقي أن أحيلك عليه ومن حقي أن أسدد دينك من مالي، فكونك تذهب مباشرة إلى خالد ليس من حقك ولا تثبت لك به الحوالة، فلو أنك ذهبت مباشرة إلى خالد وقلت: يا خالد لي على محمد عشرة آلاف ريال أريد أن آخذ منك العشرة آلاف التي لمحمد عليك، وأعطاك خالد المبلغ، فإن خالد! يُلزم شرعاً في هذه الحالة بدفع العشرة آلاف إليّ ويضمن؛ لأنني لم أوكله ولم آذن له بصرفها إلى ذلك الشخص الذي له عليّ الدين. إذاً لا تصح الحوالة إلا برضا المحيل، واعتبرناه شرطاً كما ذكرنا وهذا بلا خلاف، وقد نقل هذه الصيغة الإمام ابن قدامة والشوكاني وغيرهما من الأئمة رحمهم الله بلا خلاف أن رضا المحيل معتبر. قال: [لا رضا المحال عليه] في أصح قولي العلماء: أنه ليس من حق المحال عليه أن يمتنع وهو الطرف الثاني -خالد- الذي لي عليه عشرة آلاف، فلو أحلتك على خالد فليس من حق خالد أن يقول: لا، إنما يلزم؛ لأن ذمته مشغولة لي، ولي حق أن أصرفها إلى الغير، فهذا حق مستحق عليه سواءً دفعه لي أو دفعه لغيري، وليس من اللازم أن يرضى. إلا أن بعض العلماء يقول: يشترط رضا المحال عليه. والسبب في هذا: أن للناس كرامة ولهم حقوق، فقد أرضى أن آخذ الدين منك وتكون غريماً لي ولا أرضى بشخص آخر، فقالوا: إذا كان فيه ضرر كعدو يشمت به أو إنسان منّان يتحدث أو يؤذيه أو يضره فمن حقه أن يمتنع من الإحالة. وهذا القول في الحقيقة من جهة مقاصد الشريعة العامة له وجهه، لكن من جهة المعاملات وضوابط المعاملات وأصول المعاملات والقواعد المقررة في شريعتنا في المعاملة ليس من حقه أن يرضى، يعني رضاه أو عدم رضاه ليس بمشترط، بمعنى أننا إذا جئنا إلى وجود الضرر -والقاعدة أن الضرر يزال- وأن الحوالة هنا تضمنت الضرر وقد شرعت للرفق ممكن أن تقول: ويشترط رضا المحال عليه. وإذا جئت تنظر من جهة استيفاء الحقوق أن الرجل ما ظُلم، وأن الحق الذي على خالد سيدفعه لمحمد أو سيدفعه لي على حد سواء، وغاية هذا الأمر أنه نقل الحق من ذمة إلى ذمة وليس في هذا ضرر، فكما أنه مطالب بحق محمد فهو مطالب بحقي هذا يقتضي الجواز، أي: يقتضي أنه يجوز أن يحيله بدون رضاه وكلا القولين له وجهه. ...... لا عبرة في الحوالة برضا المحال قال: [ولا المحتال على مليء]: أي لا يشترط رضاك إذا أُحلت على مليء، وهذا لقوله عليه الصلاة والسلام: (وإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع) مفهوم قوله: (على مليء) أنك إذا أُحلت على غير مليء فإن من حقك أن تمتنع، فلو قال لك رجل: العشرة آلاف التي لك عليّ أحيلك على زيد وأنت تعرف أن زيداً مفلس، أو أن زيداً مماطل، وأنه مؤذٍ ولا تستطيع أن تستوفي حقك منه فمن حقك أن تمتنع، وهذا صحيح أنه لا تلزمك الحوالة إلا إذا كانت على مليء لا ضرر عليك من الحوالة عليه. ...... عدم نفاذ الإحالة على مفلس إلا برضا المحال قال: [وإن كان مفلساً ولم يكن رضي رجع به]. (وإن كان مفلساً) يعني المحال عليه، (ولم يكن رضي) يعني المحال (رجع عليه) بمعنى أنه إذا رضي ليس من حقه أن يرجع. فإذاً إذا أحلت على مفلس فهناك صورتان: الصورة الأولى: أن لا ترضى، فلو أُحلت على مفلس ولم ترض، ثم ذهبت إلى المفلس فامتنع وأبى، فمن حقك أن ترجع إلى المحيل. والصورة الثانية: أن تحال على مفلس وترضى، فلما رضيت وذهبت إلى المفلس وجدته سيتعبك فرجعت إلى المحيل، فليس من حقك أن ترجع. إذاً الرضا يسقط الحق في الرجوع، فالمحال إذا رضي بالمفلس فإنه ليس من حقه أن يرجع. ...... الحكم فيمن أحيل بثمن مبيع ثم ظهر بطلان البيع قال رحمه الله: [ومن أحيل بثمن مبيع أو أحيل به عليه فبان البيع باطلاً فلا حوالة]. فلو بعت عمارة بخمسمائة ألف ريال، ولما بعتها بهذا المبلغ قبض المشتري

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير