تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حكم إسقاط بعض الدين على سبيل الصلح السؤال: هل يجوز أن يصطلح صاحب الدين مع المدين أنه إذا سدّد نصف المبلغ أسقط عنه الباقي؟ الجواب: هذه مسألة: إسقاط بعض الديون على سبيل الصلح، ويكون الإسقاط لمعجّل بمعجّل، كأن يحل الدين ويُطالب به، ومؤجّل بمؤجّل، ومعجّل بمؤجّل، ومؤجّل بمعجّل، وكل ذلك إن شاء الله سنتكلم عليه بالتفصيل في المجلس القادم؛ لأن المسألة فيها تشعُّب وكلام كثير. وعن حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه أجاز لصاحب الدين أن يقول لمدينه قبل حلول الأجل إذا كان له مائة أن يقول له أعطني الآن تسعين وأُسقط عنك العشرة، فهذا إبراء وإسقاط، وسيأتي إن شاء الله تفصيل هذه المسألة والكلام عليها، والله تعالى أعلم.

أهمية اختيار الحكم الأمثل للإصلاح بين الزوجين السؤال: قول الله تعالى: فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا [النساء:35]، هل يشترط أن يكون الحكمان من أهل الزوجين دون الأجنبي حفاظاً على أسرار الزوجين؟ الجواب: إِذا وجِد من قرابة الزوج وقرابة الزوجة من هو أهل لأن يكون حكماً، فيُقدّم على غيره، كأن يكون عم المرأة، أو خال المرأة، وعم الزوج، وخال الزوج، أو أخو الزوج، أو أخو الزوجة، ونحو ذلك من القرابات، ويكون الأقرب فالأقرب، ولا شك أن هذا أستر وأحفظ لأسرار الزوجية، وأيضاً في القريب شفقة تحمله غالباً على أن ينظر الأصلح، فإن الأجنبي قد لا يدرك أحوال البنت أو الأخت، ولذلك إذا كان من القرابة؛ فإنه أعلم بمصالح قريبه، وكذلك أيضاً بالمفاسد المترتبة على الخصومة، فلا شك أن القريب مقدَّم على الغريب، وأنه إذا وُجد من أقرباء الزوج أو الزوجة من هو أهلٌ لذلك قُدِّم، لكن لو رُشِّح شخصٌ لعلمه ودينه وصلاحه، وتقواه لله سبحانه وتعالى، وكان يتحقق فيه المقصود، لأن الدَيّن الصالح يحفظ الأسرار، وينصح كما ينصح القريب وأشد، لأنه يخاف الله عز وجل، وقد يكون من صلاحه وخيره واستقامته ما يكون سبباً بإذن الله عز وجل لجمع القلوب وائتلاف الأرواح، وهذا جائز وسائغ، والله تعالى أعلم.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السؤال: هل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يندرج تحت باب الصلح، أم أن الفقهاء جعلوه مستقلاً عن الصلح؟ الجواب: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس من باب الصلح، وإنما هو من باب الإصلاح، والدعوة إلى الخير، وله مبحث مستقل يسمى بمبحث الحسبة، ويتكلم العلماء عليه في باب الحسبة، وليس له علاقة بمسألة الصلح، لكن إذا وقع أثناء الصلح ما يستدعي أن ينصح أحد الطرفين، أو يرغِّب أحد الطرفين في فعل خيرٍ وبر، وترك ضر وشر؛ فإنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فقد يأتي في باب الصلح ويقوم الصلح عليه، لكن من حيث الأصل، فإن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له قواعده وأصوله في باب الحسبة، ويتكلم العلماء رحمهم الله عليه في الأحكام السلطانية، ويفردونه بمباحث مستقلة، كالإمام الماوردي في كتابه النفيس: الأحكام السلطانية، وكذلك كتاب: معالم القربة في أحكام الحسبة، وكذلك كتاب شيخ الإسلام النفيس: السياسة الشرعية، وكتاب الإمام ابن القيم: الطرق الحكمية. فيشيرون إلى مسائل ومباحث الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وهي مباحث ومسائل مستقلة، ولا يُدخلونها في باب الصلح لاختصاص الصلح بالحقوق. فالحقوق تنقسم إلى حقوق لله وحقوق للعباد، والصلح في حقوق العباد، ولذلك لا يدخل الصلح في حقوق الله عز وجل. فمثلاً لو أنه وقع شرب للخمر، فشهد شخصان على فلان أنه شرب الخمر، فقيل للشاهدين: نصطلح معكم على إعطاء عشرة آلاف ولا تشهدوا، فهذا ضياع لحق الله عز وجل، ولا يقع به الصلح بإجماع العلماء. وهكذا لو أن شاهداً شهد في قضية، فقالوا له: نعطيك عشرة آلاف على أن لا تشهد، لأن الشهادة فيها حق لله، فحقوق الله لا يدخلها الصلح، وسنبين هذا إن شاء الله في مجال الصلح عند الكلام على ركن: ما يُصالح عنه، والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير