تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يغلب على الظن حصول المفسدة، وحينئذٍ لا نحرم من أصل الجمع ولكن نحرم لعارض، ألا ترى المرأة الآن حلالٌ لك أن تنكحها وهي أجنبية ولكن إذا علمت أن في نكاحها مفسدة أو أنها تفسد الرجل على أمه، أو أنها تحدث الفتن بين الأخوات أو بين النساء، وأنها امرأة نمامة أو تنقل الحديث حرمنا نكاحها لأنه سيضر بالرحم، لا لذاتها وإنما للعارض، فنحن نقول: الجمع بين بنت العمة مع بنت العم لا بأس، وبنت العمة، مع بنت العمة وبنت العم مع بنت العم لا بأس، لكن بشرط أن لا يغلب على الظن حصول الضرر في القرابة، من أمثلة ذلك: أن تعلم أن أم بنت العم هذه وأم بنت العم الثانية كلتاهما شريرة -مثلاً- فإذا دخلت بنت هذه مع بنت هذه فهذا سيحدث ضرراً بين أم هذه وأم هذه، فهذه لا يمكن أن ترتاح حتى تحدث مفسدة، وهذه أيضاً لا يمكن أن ترتاح حتى تحدث مفسدة، فالناس يقدرون الأضرار والمفاسد والشرور المترتبة على مثل هذا النكاح، فيكون التحريم لعارض لا لذات الحكم، والله تعالى أعلم.

مضاعفة الصلاة في الثلاثة المساجد عام في الفرض والنفل السؤال: على القول بأن الفضيلة في الصلاة في المسجد الحرام مختصة بمسجد الكعبة فأيهما أفضل: صلاة النافلة في المسجد الحرام أم في البيت؟ الجواب: هذه المسألة اختلف فيها العلماء لورود حديثين: الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاةٌ في مسجدي هذا بألف صلاة إلا المسجد الحرام .. )، الحديث، فهذا الحديث يدل على أن الصلاة في المساجد الثلاثة مفضلة ومضاعفة، فجاء حديث آخر يعارضه، وهو قوله عليه الصلاة والسلام في قيام رمضان حينما صلى فأحيا الليلة الأولى والثانية، ثم امتنع من الخروج عليه الصلاة والسلام لما اجتمع الناس بعد ذلك، قال عليه الصلاة والسلام: (إنه لم يخفَ عليّ مكانكم بالأمس، ولكني خشيت أن تفرض عليكم، صلوا في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)، فبعض العلماء يقول: الصلاة في المنزل نافلة أفضل من الصلاة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم من المساجد المفضلة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (إن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)، نخص المضاعفة في المساجد الثلاثة بالمكتوبة، فلا تشمل النوافل، فالنوافل الأفضل أن تكون في البيوت، هذا قول. القول الثاني يقول: إن الحديث قال: (صلاةٌ في مسجدي هذا)، وهذه نكرة، لم يقل: (صلاة فريضة)، ولم يقل: (صلاة مكتوبة)، فكل صلاةٍ شرعية يصدق عليها هذا الوصف بالعموم فتشمل النافلة والفريضة، قالوا: وإذا ثبت العموم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: (صلوا في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)، قالوا: إن هذه فضيلةٌ من وجهٍ آخر، وهذا هو الصحيح، أن المضاعفة تشمل الفرائض والنوافل، و أن أفضلية البيت جاءت بلفظ؛ (فإن خير)، و (خير) بمعنى: أخير؛ لأن العرب تقول: خير وشر، بمعنى أفعل التفضيل، أخير وأشر، فتقول: محمد خيرٌ من علي، أي: محمد أخير من علي، ومنه قول أبي طالب: ألم تعلموا أنا وجدنا محمداً نبياً كموسى خط في أول الكتب وأن عليه في العباد محبة ولا خير ممن خصه الله بالحب أصل التقدير: ولا أخير ممن خصه الله بالحب، فإذا أثبت أن: (خير) في لسان العرب بمعنى: أخير، فكأنها خيرية راجعةٌ إلى الإخلاص، فإن الرجل إذا صلى في بيته وجدناه يخلص أكثر، ومن هنا قال صلى الله عليه وسلم: (فإن خير)؛ لأن النافلة ليست بفريضة، فلو جلس يتركع في المسجد فإن هذا يحدث عند الناس شعوراً بصلاحه وتقواه وفضله، بخلاف ما إذا صلى الفريضة، فالكل يصلي الفريضة، فقال صلى الله عليه وسلم: (صلوا في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)، أي: إنها من جهة الإخلاص و هذا راجعٌ إلى الباطن: (وصلاةٌ في مسجدي بألف صلاةٍ فيما سواه .. )، راجعٌ إلى ظاهر العدد، وشرط التعارض بين النصين عند الأصوليين: أن يتحد المورد، فالذي يترجح أنه ليس هناك تعارض بين الحديثين، وأن حديث: (إن خير صلاة المرء في بيته) راجعٌ إلى الإخلاص والنية، ويقول بعض العلماء: هناك خيرٌ ثانٍ وهو فضل الصلاة في البيوت؛ لأن البيوت إذا كثرت فيها الصلاة نزلت عليها البركة والخير، ويشهد بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا صلى أحدكم فليجعل من صلاته في بيته، فإن الله جاعلٌ له من صلاته في بيته خيرا)؛ ولذلك كان

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير